للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التي لا اعتيادَ لهم بها ولا اعتدادَ، فلا تكونُ مكروهةً، ثم إذا علمت أنَّ السياقَ ما قلنا لم تَبْقَ حاجةٌ إلى مفهومِ قولِهِ: {عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ}.

(قوله تعالى: {مِن سَوْءتِهِمَا}) فسَتْرُ العورةِ من خصائصِ الجنَّة، ولما انكَشَفَ عورتُهُمَا هبطا إلى الدنيا، وفُرِضَ السِّتْر.

(قوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ}) ويَنْعَكِسُ الحالُ في المحشر، فنراهم ولا يَرَوْنَنَا والله تعالى أعلم.

قوله: (ومن صلى ملتحفًا ... إلخ) وبَوَّبَ الطحاوي على الصلاة في الثوبِ الواحدِ، وحاصِلُهُ: أنَّ المخالفةَ بين الطرفينِ، وهو التَوَشُّح والالتِحَافُ فيما يكون سَعَةً في الثوبِ، وإلا فيُعْقَدُ على القَفَا وإلا فَفَوْقَ السُّرَةِ، والغرضُ منه استعمالُ الثَّوْبِ كلِّه في السِّتر، أما أحمد رحمه الله تعالى فحملَ الأوامرَ الواردة فيها على ظاهِرِها، حتى ذَهَبَ إلى فساد الصلاةِ لو كانت في الثوبِ سَعِةٌ فصلى فيه كاشفًا عن أحدِ مَنْكِبيه، مع أنَّ العورةَ ليست عندَهُ إلا ما في المشهورِ، وهذا لأنه لم يصرف الثوبَ في سَتْرِ جسدِهِ مع الوُسْعَةِ فيه، ولعلَّهُ ذَهَبَ إلى تأكُّدِ السَّتْرِ في غير العورةِ أيضًا والله أعلم بمراده.

ثم إن كان الثوبُ واحدًا وأدخلَ فيه يديه أيضًا يُسَمَّى اشتمال الصَّمَاءِ، واشتمالَ اليهودِ، وهو ممنوع، وفي «البحر»: أنَّ المَنْعَ فيما إذا لم يكن عليه إلاّ ثوبٌ، فإنْ كان عليه ثوبان لا بأسَ أَنْ يُدْخِلَ يديه تَحْتَهُ، لأنّهُ يُمْكِنهُ إخراجُهُما عند الضرورة بدون كشفِ العورةِ، ثم إذا كان المقصودُ التَحَرُّزَ عن هدا الاشتمالِ فالأَنفع هو التَّوَشُّحُ، لحصولِ السَّتْرِ فيه مع صرفِ الثوبِ، وإمكانِ استعمالِ اليدينِ عند الضرورة بدون كشفِ العورة.

ثم الالتحاف عندي كَشَدِّ الوَسَطِ عند الأمراءِ، وهو المعنِيّ في عقدِ اليدين تحت السُّرْةِ عندي، فإذا كان المقصودُ والمعنَى هو عقد اليدين في القيام بين يدي المَلِكِ الجبّارِ، فهو إذْنٌ عَامٌّ سواءٌ كان فوق السُّرَةِ أو تَحْتَهُ، أَما فَوْقَ الصدرِ فليس بشيء عندي، وليس العقدُ فوقَ الصدرِ في واحدٍ مِنْ كُتبِ الشافعية إلا «الحاوي»، وفي عامَّتِهَا أنّه تَحْتَ الصدر، فهو مَحْمُولٌ عندي على المسامَحَةِ.

قوله: (ولو بشوكة) وهو مُسْتَحَبٌّ، وإلا فالنَّظَرُ إلى عورتِهِ ليس بمُفْسِدٍ عندنا.

قوله: (ولم ير فيه أذى) وهذا أيضًا دليلٌ على أَنَّهُ ذَهَبَ إلى نجاسَةِ المَنِيّ، وأَمْرُ النبي صلى الله عليه وسلّم يعني أَنّ بعضَ الفرائض مشتَرَكةٌ في الصلاةِ والحج كسَتْر العَوْرَةِ.

٣٥١ - قوله: (فيشهدن [المصلى]) والمرادُ منه حضورُهُنَّ بدونِ الاقتداء، ويُسْتَعْمَلُ الشهودُ في شَرِكَةِ الجماعةِ أيضًا، كما في الحديث: هل شَهِدْتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: نَعَمْ، فمرادُهُ في شرِكَتِهِ الجماعةِ.

ثم إنّ الأحاديثَ الواردةَ في باب السَّتْرِ ليستْ على شرطِهِ، فأُخْرِجَ هذا الحديثُ استئناسًا فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>