وتوضيحه على ما أورده شيخ الإسلام أحمد ابن تَيْمِيَة رحمه الله تعالى في "منهاج السنة". أن الخلاف على نوعين: خلاف تَضَاد، وخلاف تنوَّع، فالأول: أن يُوجِب شيئًا ويحرِّم الآخر، فيكون العمل بأحدها منافيًا للآخر. والثاني مثل القراءات إلي يجوز كل منها. ومن هذا الباب أنواع التشهد، كتشهُّد ابن مسعود، وتشهُّد ابن عباس رضي الله عنهما، فكل ما ثَبَتَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو سائغٌ وجائزٌ، وكذلك الترجيعُ في الأذان وتركه، وكذلك أنواع صلاة الخوف، ومن ذلك الاستفتاحات في الصلاة، ومن ذلك صفات الاستعاذة وأنواع الأدعية في آخر الصلاة، وأنواع الأذكار التي تُقَال في الرُّكُوع والسُّجود مع التسبيح المأمور، ومن ذلك صلاة التطوُّع: يخيَّر فيها بين القيام والقعود وغير ذلك، ومن ذلك تخيير الحاج بين التعجيل في يومين من أيام منى، والتأخير إلى ثالثٍ. انتهى كلامه ملخصًا. قلتُ: وهذا الكلام وإن كان في غير ما نحن فيه. لكنه كالأصل لِمَا اختاره الشيخُ رحمه الله تعالى، وإنما أتيت به لتعلم أن كل ما يختاره الشيخُ رحمه الله تعالى يكون له سلفٌ وقدوةٌ، ولا يكون ابتداعًا محضًا، ولكنه لوفور علمه وَسَعَة اطلاعه كان يَبْني عليه، ثم قد لا يجد فرصةً لتفصيله لضيق الوقت، والله تعالى أعلم. (٢) قال الشيخ ابن الهُمَام رحمه الله تعالى: إن السنة في الجواب أن يَجْمَع بين الحيْعَلَةِ والحَوْقَلَةِ في جواب الحيْعَلَتَيْن، وعزاه إلى بعض المشايخ، وأظنُّ أن المرادَ ببعض المشايخ هو الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى، فإنه من معتقديه، وأمَّا ابن حجر فليس براضٍ عنه. أمَّا الحافظ ابن تَيْمِيَة، فَيُنْكِر عليه أشد الإنكار ويَحْكُمُ عليه بالزندقة، وعندي: أن الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى من كبراء هذه الأمة، وسبَّاق غايات في علم الحقائق، أمَّا الحافظ ابن تَيْمِيَة، فلَا رَيْبَ أنه بحرٌ موَّاجٌ لا ساحلَ له، ولكن شذَّ في مسائل من الأصول والفروع جمهورَ الأمةِ المحمدية، والحقُّ مع الجمهور، ويُنْكِرُ الكشف والكرامات، غير أنه قائلٌ بِمِصْدَاق الكشف، ويسمِّيه: فراسة المؤمن، تبَعًا للحديث. =