(٢) قال محمد بن الحسن في كتاب "الحجج": قيل لهم: إنما كان يَصْنَعُ هذا بلالُ رضي الله عنه في شهر رمضان ليتسحَّر الناسُ بأذانه، ويكتفي الناسُ بأذان ابن أم مكتوم لصلاة الفجر، لأنه قد جاء حديث آخر يَدُلُّ على أن بلالا رضي الله عنه إنما كان يَصْنَعُ ذلك لسُحُور الناس في شهر رمضان خاصة، لأنه بلغنا: "أن بلالا رضي الله عنه أذَّن بليلٍ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينادي: أَلَا إن العبدَ قد نام". ولكن الأمر الذي رويتم كان في شهر رمضان، والأمر الآخر من كراهية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأذانه بليلٍ كان في غير شهر رمضان. أخبرنا عبَّاد بن العوَّام قال: أخبرنا سليمان التيمي، عن أبي عُمَيْر، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَمْنْعَنَّ أحدًا منكم من سحورهِ أذانُ بلالٍ رضي الله عنه، فإنه إنما ينادي ليرجع قائمكم، ويوقظ نائمكم". أو: "ينبه نائمكم" ... إلخ الحديث. قال محمد بن الحسن: أخبرنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة عن الحسن البصري: "أن منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يُؤَذِّن لصلاة الصبح حتى يَطلُعَ الفجرُ"، وعن بلال رضي الله عنه مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنه كان لا يؤذن لصلاة الفجر حتى يَرَى الفجر". انتهى. قال الشيخ رحمه الله تعالى: وربما رأيت أن أصلَ كلام الطحاويِّ يكون من محمد رحمه الله تعالى، فيكون في كلامه لفظٌ، ثم يَبْسُطُه الطحاويُّ ويقرِّره، وقد جرَّبت عنه مثله في مواضع. ثم إنهم اختلفوا في كتاب "الحجج": فقيل: إنه من خط محمد بن الحسن رحمه الله تعالى، وقيل: من خط تلميذه أبي عمران.