واعلم أن الحديث "لا توتروا بثلاث، أوتروا بخمس" الحديثَ، لعلَّه أخذ في الاستفتاء من "فتح الباري". و"تلخيص الجسر"، و"نيل الأوطار"، وحَمَل على ما حَمَل عليه الحافظ حيث قال: والجمع بين هذا وبين ما تقدم من النهي عن التَّشَبُّه بصلاةِ المَغرب أن يُحْمَل النهيُ على صلاة الثلاث بتشهدين الخ. ولذا فهم أن جوابه على الحنفية فقط، مع أن ما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى من محمله بعيدٌ عن الصواب، لأن الحديث لم يَرِد في مسألة التشهد أصلًا بل في بيان العدد وليس فيه إلا النهي عن الاقتصار على الثلاث أنه لا بد أن تضم معها ركعتان فصاعدًا، وإذَن يكون مَحْمولًا على الأفضليةِ بالإِجماع. فإِن ضَمَّ الرِكعتين فما زاد على الوِتر ليس من الواجبات، وإِنما هو أَمْر استحبَّه الشرْع ويؤيدُه حديث: "لا توتروا بثلاث، أوتِروا بخمس، أو سَبْع، ولا تشبهوا بصلاةِ المغرب" اهـ. فإِن الحُكم في قوله: "لا تشبهوا" لا يزيد على الحُكم بقوله: "لا توتروا بثلاث"، بل الجملتانِ بمعنى واحدٍ، لا أن الجملةَ الأُولى في مسألة التشهد، والثانية في بيان العدد. فالثانية حَلت مَحَل العدد للأولى ومجموعُهما في بيانِ العدد لا غيرُ. والمعنى لا توتروا بثلاث، لأنه يستلزم التشبُّه بصلاةِ المغرب ويتعيْن هذا المرادُ صراحة مما رُوي: "لا توتروا بثلاث تشبهوا بصلاة المغرب، ولكن أوتروا بخمس" الحديث. فإنه صريحٌ في أنَّ الحديثَ في بيان العدد دون التشهد. وهذا الحديثُ محمول على الأفضلية بالإجماع كما قلنا. والمرادُ من الإِجماع =