للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسلامه، ورجع إِلَى بلاد قومه، فلما قبض رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وارتدت العرب ثبت عدي وقومه عَلَى الإِسْلام، وجاء بصدقاتهم إِلَى أَبِي بَكْر الصديق، وحضر فتح المدائن، وشهد مع علي الجمل وضفين والنهروان، ومَاتَ بَعْد ذَلِكَ بالكوفة ويُقال: بقرقيسيا.

وَقَال الشَّعْبِي: لما كانت الردة، قال الْقَوْم لعدي بْن حاتم: أمسك مَا فِي يديك فإنك إِن تفعل تسود الخليفتين. فَقَالَ: مَا كنت لأفعل حَتَّى أدفعها (١) إِلَى أَبِي بَكْر بْن أَبي قحافة، فجاء بِهِ إِلَى أَبِي بَكْر فدفعه إِلَيْهِ.

وَقَال الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ جُبَيْرَةَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن عَمْرو بن سعد بْنِ مُعَاذٍ: لَمَا صَدَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحَجِّ سَنَةَ عَشْرٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَقَامَ حَتَّى رَأَى هِلالَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ فَبَعَثَ الْمُصَدِّقِينَ فِي الْعَرَبِ، فَبَعَثَ عَلَى أسد وطئ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ. قال: وكَانَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ أَحْزَمَ رَأْيًا وأَفْضَلَ فِي الإِسْلامِ رَغْبَةً مِمَّن كَانَ، فَرَّقَ الصَّدَقَةَ فِي قَوْمِهِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لا تَعْجَلُوا فَإِنَّهُ إِنْ يَقُمْ لِهَذَا الأَمْرِ قَائِمٌ أَلْفَاكُمْ ولَمْ يُفَرِّقِ الصَّدَقَةَ، وإِنْ كَانَ الَّذِي تَظُنُّونَ فلعُمَري إِنَّ أَمْوَالَكُمْ بِأَيْدِيكُمْ لا يَغْلِبَكُمْ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَسَكَّتَهُمْ بِذَلِكَ. وأَمَرَ ابْنَهُ أَنْ يُسَرِّحَ نِعَمَ الصَّدَقَةَ، فَإذَا كَانَ الْمَسَاءُ رَوَّحَهَا، وإِنَّهُ جَاءَ بِهَا لَيْلَةً عِشَاء فَضَرَبَهُ، وَقَال: أَلا عَجَّلْتَ بِهَا. ثُمَّ أَرَاحَهَا اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلا، فَجَعَلَ يَضْرِبَهُ، وتَكَلَّمُوا فِيهِ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، قال: يا بَنِيُّ إِذَا سَرَّحْتَهَا فَصِحْ فِي أدبارها وأم بها المدينة فن لَقِيَكَ لاقٍ مِنْ قَوْمِكِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَقُلْ: أُرِيدُ الْكَلأَ تَعَذَّرَ عَلَيْنَا مَا حَوْلَنَا. فَلَمَّا جَاءَ الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يُرَوِّحُ فِيهِ، لَمْ يَأَتِ الْغُلامِ، فَجَعَلَ أبوه يتوقعه، ويقرب لأَصْحَابِهِ: الْعَجَبُ لِحَبْسِ ابْنِي، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: نَخْرُجُ يَا أَبَا طَرِيفٍ فنتبعه، فيقول: لا معي


(١) ضبب عليها المؤلف.