الحمد لله الذي أنار طريق الحق، وأبان سبيل الهدى، وأزاح العلة، وأزال الشبهة، وبعث النبيين مبشرين ومنذرين، لئلا يكون للناس على الله حجه بعد الرسل، وليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة.
وصلى الله على خيرته من خلقه، وصفوته من بريته: إمام المتقين، وخاتم النبيين، وخطيبهم إذا وفدوا، وشافعهم إذا حبسوا، ومبشرهم إذا يئسوا، صاحب لواء الحمد، والمقام المحمود أبي القاسم مُحَمَّد بْن عَبد اللَّهِ بْن عبد المطلب وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، وإخوانه من النبيين والمرسلين وسائر عباد الله الصالحين، صلاة دائمة غير زائلة، وباقية غير فانية، ومتصلة غير منقطعة، وسلم تسليما.
أما بعد، فإن الله تعالى وله الحمد لم يخل الارض من قائم له بحجة، وداع إليه على بصيرة، لكي لا تبطل حجج الله وبيناته، فهم كما وصفهم أمير المؤمنين علي بْن أَبي طالب رضي الله عنه حيث يقول: أولئك هم الأقلون عدداً، الأعظمون عند الله قدرا، هجم بهم العلم على حقيقة الامر، فاستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان قلوبها معلقة بالمحل الاعلى شوقا إلى لقائهم.