للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقَدِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ، وإِنَّمَا نَعْرِفُكُمْ بِمَا نَقُولُ لَكُمْ: مَنْ أَظْهَرَ مِنْكُمْ خَيْرًا ظَنَنَّا بِهِ خَيْرًا، وأحييناه عَلَيْهِ، ومَنْ أَظْهَرَ لَنَا شَرًّا ظَنَنَّا بِهِ شَرًّا وأَبْغَضْنَاهُ عَلَيْهِ، سرائركم بينكم وبين ربكم عزوجل.

أَلا وإِنَّهُ قَدْ أَتَى عَلَيَّ حِينٌ وأَنَا أَحْسِبُ أَنَّ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يُرِيدُ اللَّهَ ومَا عِنْدَهُ، فَقَدْ خُيِّلَ إِلَيَّ بأخرةٍ أَنَّ رِجَالا قَدْ قَرَأُوهُ يُرِيدُونَ بِهِ مَا عِنْدَ النَّاسِ، فَأَرِيدُوا اللَّهَ بِقِرَاءَتِكُمْ وأَرِيدُوهُ بِأَعْمَالِكُمْ، أَلا إِنِّي واللَّهِ مَا أُرْسِلُ عُمَّالِي إِلَيْكُمْ لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ ولا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ، ولَكِنْ أُرْسِلُهُمْ إِلَيْكُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ دِينَكُمْ وسُنَنَكُمْ، فَمَنْ فُعِلَ بِهِ شَيْءٌ سُوَى ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِذًا لأَقِصَّنَّهُ مِنْهُ". فَوَثَبَ عَمْرو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَعِيَّةٍ فَأَدَّبَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ أَئِنَّكَ لَتَقِصَّنَّهُ (١) مِنْهُ؟. قال: إِي والَّذِي نَفْسُ عُمَر بِيَدِهِ إِذًا لأَقِصَّنَّهُ مِنْهُ، وقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقِصُّ مِنْ نَفْسِهِ. أَلا لا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، ولا تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، ولا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ، ولا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ فَتُضَيِّعُوهُمْ.

رواه أَبُو داود (٢) عن محبوب بْن موسى عَن أَبِي إسحاق الفزاري، عن الجريري مختصرا. ورواه النَّسَائي (٣) عن مؤمل بْن هشام عن إسماعيل بن علية بالحديث خاصة، فوقع لنا بدلا عاليا.

• م ق: أَبُو فراس مولى عَبد الله بْن عَمْرو بْن العاص، اسمه: يزيد بن رباح.


(١) في المسند: لمقتصه.
(٢) أبو داود (٤٥٣٧) .
(٣) النَّسَائي: ٨ / ٣٤.