يقصد واحد منهم جمعها واستيفاءها ولم يقدر على تحصيلها واختصار مواضعها من أثناء تلك الاحاديث الطويلة ومن أدلة سياقها على حسب ما اتفق لابي داود، ولذلك حل هذا الكتاب عند أئمة الحديث وعلماء الاثر محل العجب، فضربت فيه أكباد الابل، ودامت إليه الرحل.
وَقَال أبو سَعْد عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مُحَمَّد الادريسي الحافظ: مُحَمَّد بْن عيسى بْن سورة التِّرْمِذِيّ الحافظ الضرير، أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث، صنف كتاب"الجامع"والتواريخ والعلل تصنيف رجل عالم منتق، كان يضرب به المثل في الحفظ.
وَقَال أَبُو الفضل مُحَمَّد بْن طاهر المقدسي الحافظ: سمعت الإمام أبا إِسْمَاعِيل عَبد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الأَنْصارِيّ بهراة، وجرى بين يديه ذكر أبي عيسى التِّرْمِذِيّ وكتابه، فقال: كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم، لان كتابي البخاري ومسلم لا يقف على الفائدة منهما إلا المتبحر العالم، وكتاب أبي عيسى يصل إلى فائدته كل أحد من الناس.
وَقَال أبو الفضل بن طاهر أيضا: سألت الإمام أبا القاسم سعد ابن علي الزنجاني بمكة عن حال رجل من الرواة فوثقه، فقلت: أن أبا عَبْد الرحمن النَّسَائي ضعفه، فقال: يا بني إن لابي عبد الرحمن في الرجال شرطا أشد من شرط البخاري ومسلم.
وَقَال الحاكم أَبُو عَبْد اللَّهِ بن البيع الحافظ: سمعت أبا الحسن أحمد بْن محبوب الرملي بمكة يَقُول: سمعت أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ أحمد بن شعيب النَّسَائي يقول: لما عزمت على جمع كتاب السنن استخرت الله تعالى في الرواية عن شيوخ كان في القلب منهم بعض الشئ، فوقعت الخيرة على تركهم، فنزلت في جملة من الحديث كنت أعلو فيه عنهم.