للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيخنا أثير الدين في العربية مثله خصوصا في التصريف واللغة" (١)

وهذه شهادة عالم عارف نستبين قدرها إذا عرفنا مكانة أثير الدين أبي حيان الغرناطي أعظم علماء العربية في القرن الثامن الهجري غير مدافع (٢) . وقد عرف أبو حيان نفسه قدر المزي، فأغدق الثناء عليه، وعلى علمه الجم (٣) .

تأثره بالفكر السلفي

اتصل المزي اتصالا وثيقا بثلاثة من شيوخ ذلك العصر، وترافق معهم، وهم: شيخ الاسلام تقي الدين أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الحليم المعروف بابن تيمية الحراني (٧٢٨ ٦٦١) ، والمؤرخ المحدث علم الدين أبو محمد القاسم بن محمد البرزالي (٦٦٥ ٧٣٩) ، ومؤرخ الاسلام شمس الدين أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن أحمد الذهبي (٧٤٨ ٦٧٣) (٤) ، فكان المزي أكبرهم سنا، وكان بعضهم يقرأ على بعض فهم شيوخ وأقران في الوقت نفسه، وقرأ الثلاثة على المزي واعترفوا بأستاذيته، وافتخروا بها.

والظاهر أن المزي اتصل في شبيبته ببعض المتصوفة الغلاة. وكان التصوف منتشرا في البلاد انتشارا واسعا، وظهر بينهم كثير من المشعوذين الذين أثروا في العوام أيما تأثير (٥) وانجذب إليهم بعض الشباب، فاغتر المزي في شبيبته بهم، فصحب الشاعر (٦) الصوفي


(١) أعيان العصر: ١٢ / الورقة: ١٢٧.
(٢) راجع عنه كتاب العالمة الفاضلة الدكتورة خديجة الحديثي (أبو حيان النحوي بغداد: ١٩٦٧) .
(٣) وذلك في كتابه"القطر الحبي في جواب أسئلة الذهبي"، انظر كتابنا: الذهبي: ٣٢٩، والدرر: ٥ / ٢٣٤.
(٤) راجع كتابنا: الذهبي: ٩٩.
(٥) راجع مثلا تاريخ الاسلام، الورقة: ٧٥ (أيا صوفيا: ٣٠٠٧) ، والورقة: ٣٦ (أيا صوفيا: ٣٠١٤) .
(٦) له ديوان شعر مشهور منه نسخة بدار الكتب الظاهرية بدمشق، وأخرى في الاسكوريال منها مصورة في خزانة كتب المجمع العلمي العراقي. وَقَال الذهبي: وله شعر في الطبقة العليا والذروة القصوى لكنه مشوب بالاتحاد في كثير من الاوقات"وأورد طائفة منه في تاريخ الاسلام (الورقة: ١٨٨ ١٨٦ أيا صوفيا: ٣٠١٤) .