الحديث وجماعة من الزهاد، وكان ذلك اليوم يوم الخميس، فسمعته يقول: صمت يوما وقلت: لا آكل إلا حلالا، فمضى يوم ولم أجد شيئا فواصلت اليوم الثاني واليوم الثالث والرابع حتى إذا كان عند الفطر قلت: لأجعلن فطري الليلة عند من يزكي الله طعامه فصرت إلى معروف الكرخي، فسلمت عليه وقعدت حتى صلى المغرب، وخرج من كان معه في المسجد، فما بقي إلا أنا وهو ورجل آخر، فالتفت إلي فقال: يا طوسي، قلت: لبيك، فقال لي (١) : تحول إلى أخيك فتعش معه. فقلت في نفسي: صمت أربعة وأفطر على ما لا أعلم. فقلت: ما بي من عشاء، فتركني ثم رد علي القول، فقلت: ما بي من عشاء. ثم فعل ذلك الثالثة، فقلت: ما بي من عشاء فسكت عني ساعة، ثم قال لي: تقدم إلي. فتحاملت وما بي من تحامل من شدة الضعف، فقعدت عن يساره، فأخذ كفي اليمنى فأدخلها الى كمه الأيسر، فأخذت من كمه سفرجلة معضوضة، فأكلتها، فوجدت فيها طعم كل طعام طيب، واستغنيت بها عن الماء. قال: فسأله رجل كان معنا حاضرا: أنت يا أبا جعفر؟ قال: نعم، وأزيدك أني ما أكلت منذ ذلك حلوا ولا غيره إلا أصبت فيه طعم تلك السفرجلة. ثم التفت مُحَمَّد بن منصور إلى أصحابه، فقال: فقال: أنشدكم الله إن حدثتم بهذا عني وأنا حي.