للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال أيضا: قال إياس بْن مُعَاوِيَة: لا بد للناس من ثلاثة أشياء: لا بد لهم أن تأمن سلبهم، ويختار لحكمهم حَتَّى يعتدل الحكم فيهم، وأن يقام لهم بأمر الثغور التي بينهم وبين عدوهم، فإن هذه الأشياء إذا قام بها السلطان، احتمل الناس ما كَانَ سوى ذَلِكَ من أثرة السلطان، وكل ما يكرهون.

وَقَال الأَصْمَعِيّ، عَن أبيه: رأيت فِي بيت ثابت البناني رجلا أحمد طويل الذراع. غليظ الثيات، يلوث عمامته لوثا (١) ، ورأيته قد غلب على الكلام، فلا يتكلم أحد معه، فأردت أن أسأله عنه، حَتَّى قال قائل: يَا أبا واثلة، فعرفت أنه إياس. فَقَالَ: إن الرجل تكون غلته الفا، فينفق ألفا، فيصلح وتصلح الغلة، وتكون غلته ألفين، فينفق ألفين فيصلح وتصلح الغلة، وتكون غلته ألفين، فينفق ثلاثة آلاف، فيوشك أن يبيع العقار فِي فضل النفقة.

وَقَال عَبد اللَّهِ بن حرشج البَصْرِيّ: حدثني المستنير بْن أخضر، عن إياس بْن مُعَاوِيَة بْن قرة، قال: جاء دهقان فسأله عن السكر (٢) . أحرام هُوَ، أو حلال؟ قال: هُوَ حرام. قال: كيف يكون حراما. أخبرني عن التمر أحلال هُوَ أم حرام؟ قال: حلال، قال: فأخبرني عن الكشوث (٣) أحلال هُوَ أم حرام؟ قال حلال، قال: فأخبرني عن الماء أحلال هُوَ أم حرام؟ قال: حلال.

قال: فما خلف بينهما؟ وإنما هُوَ من التمر والكشوث والماء،


(١) اللوث: عصب العمامة.
(٢) السكر: نبيد الخمر، قال تعالى: {ومن ثمرات النخيل والاعناب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا ورِزْقًا حَسَنًا} (النحل / ٦٧) .
(٣) الكشوث - بفتح الكاف ويضم - نبت يتعلق بالاغصان من غير أن يضرب بعرق في الارض.