للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال أيضا: حدثني غير واحد، من أهل واسط، منهم إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن هود بإسناد فيه سفيان بْن حسين إن شاء اللَّه: أن إياس بْن مُعَاوِيَة كَانَ جالسا، فنظر إِلَى رجل دخل المسجد، مسجد واسط فَقَالَ: هَذَا الرجل من أهل البصرة، من ثقيف، قد أرسل حماماً له، فذهب ولم يرجع إليه.

فقام رجل فسأل ذَلِكَ الرجل، فأخبر عن نفسه بما قال إياس. فسألوا إياسا عن ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أما معرفة البَصْرِيّين، فلا أَحْمَد عليه، وأما قولي: ثقفي، فإن لثقيف هيأة لا تخفى، وأما قولي: فقد حماما لَهُ، فإني رأيته يتصفح الحمام، لا يرى ناهضا، ولا طائراً، ولا ساقطا، إلا ونظر إليه، فقلت: إنه قد فقد حماما لنفسه.

قال: وحدثوني أن إياسا كَانَ يلي سوق واسط، فكلمه أبان بْن الوليد، فِي درهم يحطه عن رجل من كراء حانوته، قال: أنظر إليه، فإن كَانَ يمكنني أن أحط عنه، حططت، فنظر إِلَى الحانوت فرآه فِي باب البصرة، فَقَالَ: هَذَا فِي ديباجة الحرم، ليس إِلَى الحط منه سبيل، ثم كلم إياس فِي كلام أبان بن الوليد، في حط مئة ألف من خراج رجل، فَقَالَ: رددت رجلا فِي درهم، وأكلمه في مئة ألف! ثم اعتزم فكلمه، فَقَالَ لَهُ أبان: إني والله ما أعجب منك، ولكني أعجب ممن يحدمك (١) ، رددتني عن درهم، وتكلمني فِي مئة ألف؟ قال لَهُ إياس: فلا تعجب من ذَلِكَ، فإني كنت رادا عن الدرهم، من هُوَ فوقك، وكنت مشفعاً في المئة الألف من هُوَ دوني، ثم جرى الكلام بينهما، حَتَّى قال لَهُ أبان بْن الوليد: يَا مفلس. فَقَالَ: أنت أفلس مني. قال: وهذه أعجب أيضا، أنا أفلس منك؟ ! وأنا أشتغل كذا وكذا، قال: نفقتك أكثر من غلتك، وغلتي أكثر من نفقتي.


(١) أي: يعرف قدرك ويعظمك.