وَقَال أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن زياد ابن الاعرابي: قال عَبد المَلِك ابن مروان للهيثم بن الأسود: ما مالك؟ قال: الغنى عَنِ الناس والبلغة الجميلة. فقيل له: لم لم تخبره بحاجتك؟ قال: إن أخبرته أني غني حسدني وإن أخبرته أني فقير حقرني، ومن شعره: وأعلم علما ليس بالظن أنه • إذا زال مال المرء فهو ذليل وإن لسان المرء ما لم تكن له • حصاة عَلَى عوراته لدليل.
وحكى سفيان بن عُيَيْنَة عنه أنه قال: ألا أخبركم بجيد العنب: ما روي عموده واخضر عوده وتفرق عنقوده، ألا أخبركم بجيد الرطب: ما رق سحاه وكبر لحاه ودق نواه، وفي رواية: وصغر نواه، ألا أخبركم بآية الكبر: تقارب المشي وسوء فِي النظر.
وَقَال حبان بن علي العنزي، عن عَبد المَلِك بْن عُمَير، عَنْ عَمْرو بن حريث: دخل رجل عَلَى الهيثم بن الأسود، فَقَالَ: كيف تجدك يا أبا العريان؟ قال: أجدني والله قد اسود مني ما أحب أن يبيض، وأبيض مني ما أحب أن يسود، ولان مني ما أحب أن يشتد، واشتد مني ما أحب أن يلين، وسأنبئك عَنْ آيات الكبر: تقارب الخطو، وضعف فِي البصر، وقلة الطعم إذا الزاد حضر، وقلة النوم إذا الليل اعتكر، وكثرة النسيان فيما يذكر، وتركي الحسناء فِي قبل الطهر، والناس يبلون كما يبلى الشجر.
أَخْبَرَنَا بذلك أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبُخَارِيِّ، قال: أَنْبَأَنَا عَبد اللَّهِ بْنُ دَهْبَلِ بْنِ علي بن كاره، قال: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بكر الأَنْصارِيّ، قال: أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو الحسين محمد بن علي ابْنُ الْمُهَتِدِي بِاللَّهِ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْجَرَّاحِ الْوَزِيرُ، قال: أخبرنا أَبُو القاسم البغوي، قال: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرو الضبي،