وهْب بْن منبه: طوبى لمن شغله عيبه عَنْ عيب أخيه، طوبى لمن تواضع لله من غير مسكنة، طوبى لمن تصدق من مال جمعه من غير معصية، طوبى لأهل الضر وأهل المسكنة، طوبى لمن جالس أهل العلم والحلم، طوبى لمن اقتدى بأهل العلم والحلم والخشية، طوبى لمن وسعته السنة فلم يعدها.
وَقَال الْهَيْثَم بْن عدي الطائي: قال وهْب بْن منبه: الأحمق إذا تكلم فضحه حمقه، وإذا سكت فضحه عيه، وإذا عمل أفسد. وإذا ترك أضاع، لا علمه يعينه ولا علم غيره ينفعه، تود أمه أنها ثكلته، وتود امرأته أنها عدمته، ويتمنى جاره منه الوحدة، وتأخذ جليسه منه الوحشة، وأنشد لمسكين الدارمي فِي ذَلِكَ:
اتق الأحمق أن تصحبه • إنما الأحمق كالثوب الخلق.
كلما رقعت منه جانبا • حركته الريح وهنا فانخرق.
أو كصدع فِي زجاج فاحش • هل ترى صدع زجاج يتفق؟
وإذا جالسته فِي مجلس • أفسد المجلس منه بالخرق.
وإذا نهنهته كي يرعوي • زاد جهلا وتمادى فِي الحمق.
وَقَال علي ابن الْمَدِينِيّ (١) : حَدَّثَنَا هِشَام بْن يُوسُف الصنعاني أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ قاضي صنعاء، قال: أخبرني داود بْن قيس، قال: كَانَ لي صديق من أهل بيت خولان من حضور يقال له: أَبُو شمر ذو خولان، قال: فخرجت من صنعاء أريد قريته، فلما دنوت منها وجدت كتابا مختوما فِي ظهره إلى أَبِي شمر ذي خولان فجئته فوجدته مهموما حزينا، فسألته عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: قدم رسول من صنعا
(١) الخبر بطوله في تاريخ ابن عساكر: ١٧ / الورقة ٤٨٣ كما ذكرنا