للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له فَقَالَ له وهْب: صدقت، هذه محنتهم الكاذبة، فأما قولهم فِي الصدقة فإنه قد بلغني أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ذكر أن امرأة من أهل الْيَمَن دخلت النار فِي هرة ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، أفإنسان ممن يعبد الله ويوحده ولا يشرك بِهِ شيئا أحب إلى الله من أن يطعمه من جوع، أو هرة؟ والله يَقُول فِي كتابه (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا) (١) يَقُول: يوما عسيرا غضوبا على أهل معصيته لغضب الله عليهم (فوقاهم الله شر ذَلِكَ اليوم) حَتَّى بلغ (وكَانَ سعيهم مشكورا) (٢) ثُمَّ قال وهْب: مَا كاد تبارك وتعالى أن يفرغ من نعت مَا أعد لهم بذلك من النعيم فِي الجنة.

وأما قولهم: لا يستغفر إلا لمن يرى رأيهم، أهم خير من الملائكة؟ والله تعالى يَقُول فِي سورة (حم عسق) (٣) (والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فِي الأرض) وأنا أقسم بالله

مَا كانت الملائكة ليقدروا على ذَلِكَ ولا ليفعلوا حَتَّى أمروا بِهِ لأن الله تعالى قال: (لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) (٤) وأنه أثبتت هذه الآية فِي سورة (حم عسق) وفسرت في (حم) الكبرى (٥)


(١) الانسان: ٨ - ١٠.
(٢) الانسان: ٢٢.
(٣) هي سورة الشورى، والآية هي الخامسة منها.
(٤) الانبياء ٢٧.
(٥) هي سورة المؤمن، وهي سورة غافر