للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتبعك الأرذلون) حَتَّى بلغ (تشعرون) (١) أولا يسعك منهم مَا وسع نبي الله وخليله إِبْرَاهِيم من عَبْدَة الأصنام، إذ قال: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) حَتَّى بلغ (غفور رحيم) (٢) أولا يسعك يا ذا خولان مَا وسع عِيسَى من الكفار الذين اتخذوه إلها من دون الله. إن الله قد رضي قول نوح، وقول إِبْرَاهِيم، وقول عِيسَى إلى يوم القيامة ليقتدي بِهِ المؤمنون ومن بعدهم، يَعْنِي: (إن تعذبهم فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فإنك أنت العزيز الحكيم) (٣) ولا يخالفون قول أنبياء الله ورأيهم فيمن يقتدي إذا لم يقتد بكتاب الله وقول أنبيائه ورأيهم، واعلم أن دخولك علي رحمة لك إن سمعت قولي وقبلت نصيحتي لك وحجة عليك غدا عند الله إن تركت كتاب الله وعدت إلى قول الحر وراء.

قال ذو خولان: فما تأمرني؟ فَقَالَ وهْب: انظر زكاتك المفروضة، فأدها إلى من ولاه الله أمر هذه الأمة وجمعهم عليه، فإن الملك من الله وحده وبيده، يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء، فمن ملكه الله لم يقدر أحد أن ينزعه منه، فإذا أديت الزكاة المفروضة إلى والي الأمر برئت منها، فإن كَانَ فضل فصل بِهِ أرحامك ومواليك وجيرانك من أهل الحاجة، وضيف إن ضافك. فقام ذو خولان: فَقَالَ: أشهد أني نزلت عَنْ رأي الحرورية، وصدقت مَا قلت.

فلم يلبث ذو خولان إلا يسيرا حَتَّى مات.


(١) الشعراء: ١١١ - ١١٣.
(٢) إبراهيم: ٣٥ - ٣٦.
(٣) المائدة ١١٨