للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي النيسابوري: سمعت أبا عَمْرو ابن مطر يقول: سمعت أَبَا القاسم المذكر يقول: دخل يزيد الرقاشي على عُمَر بْن عَبْد العزيز، فقال لَهُ: عظني. فقال: أنت أول خليفة يموت يَا أمير المؤمنين. قال: زدني. قال: لم يبق أحد من آبائك من لدن آدم إلى أن بلغت النوبة إليك إلا وقد ذاق الموت. قال: زدني. قال: ليس بين الجنة والنار منزل، والله يقول: (إن الأبرار لفي نعيم، وإن الفجار لفي جحيم) (١) وأنت أبصر ببرك وفجورك.

قال: فبكى عُمَر حتى سقط عَن سريره.

وَقَال زيد بن الحباب، عن حوشب بْن عقيل: سمعت يزيد الرقاشي يقول لما حضره الموت: (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) (٢) إلا إن الأعمال محضرة والأجور مكملة، ولكل ساع ما سعى، وغاية الدنيا وأهلها إلى الموت. ثم بكى، وَقَال: يَا من القبر مسكنه، وبين يدي اللَّهِ موقفه، والنار غدا مورده، ماذا قدمت لنفسك؟ ماذا أعددت لمصرعك؟ ماذا أعددت لوقوفك بين يدي ربك؟

وَقَال مُحَمَّد بْن الحسين البرجلاني، عَن الصلت بْن حكيم: حَدَّثَنَا درست القزاز، قال لما احتضر يزيد الرقاشي بكى، فقيل لَهُ: ما يبكيك رحمك اللَّهِ؟ قال: أبكي والله على ما يفوتني من قيام الليل وصيام النهار. قال: ثم بكى، وَقَال: من يصلي لك يَا يزيد، ومن يصوم، ومن يتقرب لك إلى الله بالاعمال بعدك،


(١) الانفطار: ١٣، ١٤.
(٢) آل عِمْران: ١٨٥.