للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنها، ومملوك لا تهتم بشيءٍ معه، قد كفاك جميع ما ينوبك فهو يعمل عَلَى ما تهوى كأنه قد علم ما فِي نفسك، وصديق قد وضع مؤنة التحفظ عنك فيما بينك وبينه، فهو لا يتحفظ فِي صداقتك، ما يرصد بِهِ عداوتك، يخبرك بما فِي نفسه، وتخبره بما فِي نفسك.

وَقَال مُحَمَّد بْن زكريا الغلابي: حَدَّثَنَا ابن عائشة، عَنْ جويرية بْن أسماء: لما ولي عُمَر بْن عبد العزيز الخلافة، وفد عليه بلال بْن أَبي بردة، فهنأه، فقَالَ: من كانت الخلافة يا أمير المؤمنين شرفته، فقد شرفتها، ومن كانت زانته، فقد زنتها، وأنت والله كما قال مالك بْن أسماء:

وتزيدين طيب الطيب طيبا • إن تمسيه أين مثلك أينا (١)

وإذا الدر زان حسن وجوه • كان للدر حسن وجهك زينا

فجزاه عُمَر خيرا، ولزم بلال المسجد يصلي ويقرأ ليله ونهاره، فهم عُمَر أن يوليه العراق، ثم قال: هذا رجل لَهُ فضل، فدس إليه ثقة، فقَالَ لَهُ: إن عملت لك فِي ولاية العراق، ما تعطيني؟ فضمن لَهُ مالا جليلا، وأخبر بذلك عُمَر، فنفاه وأخرجه، وَقَال: يا أهل العراق، إن صاحبكم أعطي مقولا، ولم يعط معقولا، وزادت بلاغته، ونقصت زهادته.

وَقَال العباس بن الفرح الرياشي، عَنِ الأَصْمَعِيّ: وفد بلال


(١) في تهذيب ابن عساكر: وتزيد من"بدلا من"وتزيدين"، و"تمشيه"بدلا من"تمسيه"، وكله ليس بشيءٍ.