كَمَا قال: حَتْفَهَا تَحْمِلُ ضَأْنٌ بِأَظْلافِهَا. فَقَالَتْ: واللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنْ كُنْتَ لَدَلِيلا فِي الظَّلْمَاءِ بَذُولا لَدَى الرَّحْلِ، عَفِيفًا عَنِ الرَّفِيقَةِ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولَكِنْ لا تَلُمْنِي عَلَى أَنْ أَسْأَلَ حَظِّي إِذْ سَأَلْتَ حَظَّكَ. قال: ومَا حَظُّكِ فِي الدَّهْنَاءِ لا أبالك؟ قُلْتُ: مُقَيَّدُ جَمَلِي تَسْأَلُهُ لِجَمَلِ امْرَأَتِكَ. قال: لا جَرَمَ عَنِّي أُشْهِدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي لَكِ أَخٌ وصَاحِبٌ مَا حَيِيتُ، إِذْ ثَنَيْتُ عَلَى هَذَا عِنْدَهُ. فَقُلْتُ: إِذْ بَدَأْتَهَا فَلَنْ أُضَيِّعَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُلامُ ابْنُ هَذِهِ أَنْ يَفْصِلَ الْخُطَّةَ ويَنْتَصِرُ مِنْ ورَاءِ الْحَجَزَةِ؟ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ واللَّهِ كُنْتُ ولَدْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حِزَامًا، فَقَاتَلَ مَعَكَ يَوْمَ الرَّبَذَةِ، ثُمَّ ذَهَبَ يَمْتَرِي مِنْ خَيْبَرَ فَأَصَابَتْهُ حِمَاهَا، فَمَاتَ وتَرَكَ عَلَيَّ النِّسَاءَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تَكُونِي مِسْكِينَةً لَجَرَرْنَاكِ عَلَى وجْهِكِ، أَوْ لَجُرِرْتِ عَلَى وجْهِكِ - شَكَّ عَبد اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ أَيُّ الْحَرْفَيْنِ حَدَّثَتْهُ الْمَرْأَتَانِ - أَتَغْلَبُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ تُصَاحِبَ صُوَيْحِبَةً فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا فَإِذَا حَالَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُ اسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قال: رَبِّ أَسِنِّي مَا أَمْضَيْتَ وأَعِنِّي عَلَى مَا أَبْقَيْتَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَبْكِي، فَيَسْتَعْبِرُ إِلَيْهِ صُوَيْحِبَةٌ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ لا تُعَذِّبُوا مَوْتَاكُمْ. ثُمَّ كَتَبَ لَهَا فِي قِطْعَةِ أَدِيمٍ أَحْمَرَ: لِقَيْلَةَ والنِّسْوَةِ مِنْ بِنَاتِ قَيْلَةَ أَلا يُظْلَمُنَّ حَقًّا، ولا يُكْرَهُنَّ عَلَى مَنْكَحٍ، وكُلُّ مُؤْمِنٍ ومُسْلِمٍ لَهُنَّ نَصِيرٌ، أَحْسَنَّ ولا يُسَئْنَ.
رَوَى الْبُخَارِيُّ (١) بَعْضَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبد الله
(١) الادب المفرد (١١٧٨) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute