للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبه، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحافظ، قال: أَخْبَرَنِي جعفر الخلدي في كتابه، قال: سمعت الجنيد بْن مُحَمَّد يقول: كَانَ الحارث المحاسبي يجيئ إلى منزلنا فيقول: اخرج معنا نصحر (١) ، فأقول له: تخرجني من عزلتي وأمني على نفسي إلى الطرقات، والآفات ورؤية الشهوات؟ ! فيقول: اخرج معي ولا خوف عليك، فأخرج معه، فَكَانَ الطريق فارغ من كل شيء، لا نرى شيئا نكرهه، فإذا حصلت معه في المكان الذي يجلس فيه، قال: سلني، فأقول له: ما عندي سؤال أسألك، فيقول لي: سلني عما يمنع في نفسك فتنثال علي السؤالات، فأسأله عنها فيجيبني عنها للوقت ثم يمضي إلى منزله، فيعملها كتبا.

قال: وسمعت الجنيد يقول: كنت كثيرا أقول للحارث: عزلتي أنسي تخرجني إلى وحشة رؤية الناس والطرقات، فيقول لي: كم تقول (٢) أنسي وعزلتي، لو أن نصف الخلق تقربوا مني ما وجدت بهم أنسا، ولو أن النصف الآخر نأى عني ما استوحشت لبعدهم.

قال: وسمعت الجنيد يقول: كَانَ الحارث كثير الضر، فاجتاز بي يوما، وأنا جالس على بابنا فرأيت على وجهه زيادة الضر من الجوعو فقلت له: يا عم لو دخلت إلينا نلت من شيء عندنا، قال: وتفعل؟ قلت: نعم، وتسرني بذلك وتبرني، فدخلت بين يديه، ودخل معي وعمدت إلى بيت عمي، وكَانَ أوسع من بيتنا لا


(١) أي: نخرج إلى الصحراء.
(٢) إضافة من الحلية وطبقات السبكي، لم ترد في النسخ.