للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذي الحجة سنة (٧١٨) (١) ، وليها على الرغم من معارضة الكثيرين بسبب صحبته لشيخ الاسلام ابن تيمية وتأييده لآرائه، لكن علمه وفضله، وهما مما لا يستطيع أن ينكره الاشاعرة ولا غيرهم، جعلهم يضطرون إلى توليته هذه الدار التي كانت تعد من أكبر دور الحديث بدمشق (٢) . وعلى الرغم من أنه كتب بخطه حين وليها بأنه أشعري (٣) ، فقد أبانوا عن سخطهم، فلم يحضروا حفل الافتتاح كما جرت العادة آنذاك، قال العماد ابن كثير: ولم يحضر عنده كبير أحد، لما في نفوس بعض الناس من ولايته لذلك مع أنه لم يتولها أحد قبله أحق بها منه، وما عليه منهم إذا لم يحضروا؟ فإنه لا يوحشه إلا حضورهم عنده، وبعدهم آنس، والله أعلم (٤) .

وقد جرت محاولات عدة لاخراجه من مشيخة هذه الدار باءت كلها بالفشل لما كان يتمتع به الحافظ المزي من المكانة الرفيعة بدمشق، تلك المكانة التي اعترف بها المخالف قبل الموافق. واستمرت المكائد تحاك ضده حتى وهوفي آخر شيخوخته، ففي سنة (٧٣٩) ولى تقي الدين السبكي قضاء الشافعية بدمشق (٥) ، وما إن وصل دمشق حتى حضر عنده الشيخ صدر الدين سُلَيْمان بن عبد الحكيم المالكي بعد ليلة واحدة من دخوله (٦) ، وكان صدر الدين


(١) تذكرة الحفاظ: ٤ / ١٤٩٩، وأعيان العصر: ١٢ / الورقة: ١٢٣، والبداية: ١٤ / ٨٩، ٩١، والدارس للنعيمي: ١ / ٣٤.
(٢) منسوبة إلى الملك الاشرف مظفر الدين موسى ابن العادل الايوبي، ابتدأ عمارتها سنة ٦٢٨ وافتتحت سنة ٦٣٠ وأول من وليها محدث عصره الحافظ ابن الصلاح المتوفى سنة ٦٤٣ (تاريخ الاسلام،
الورقة: ٢٤٣ أيا صوفيا: ٣٠١٢، والدارس: ١ / ١٩ فما بعد) .
(٣) طبقات السبكي: ١٠ / ٣٩٨.
(٤) البداية: ١٤ / ٨٩.
(٥) الذيل على العبر للذهبي: ٢٠٤، وَقَال: وفرح المسلمون به"والبداية"١٤ / ١٨٤، وطبقات السبكي: ١٠ / ١٦٨.
(٦) طبقات السبكي: ١٠ / ٣٩٨.