قال أفقر العباد أبو محمد بشار بن عواد محقق هذا الكتاب: هذا وهم من الحافظين مغلطاي وابن حجر رحمهما الله ولو تدبرا أصول التراجم لما قالا هذه القالة وأسرعا في تخطئة المزي اعتمادا على قول أبي الوليد الباجي، وأظن، بل أجزم، أن المزي يعلم جيدا أن العلماء قد فرقوا بين هذين الاثنين، لكن انظر ما قاله البخاري في تاريخه الكبير، فقد ذكر أولا ترجمة ابن شبيل فقال (٢ / الترجمة ٢٤٣٠) : الحارث بن شبيل بن عوف البجلي، يقال: أخو المغيرة بن شبيل، ويُقال: ابن شبل، عن عَبد الله بن شداد"ثم قال في الترجمة التي تليها (٢٤٣١) : الحارث بن شبل، عن أم النعمان، سمع منه هلال بن فياض، ليس بمعروف الحديث. فيتضح مما تقدم أن الإمام البخاري هو الذي قال في ترجمة ابن شبيل: إنه يعرف بابن شبل أيضا على التمريض، وهو يعلم جيدا أن الحارث بن شبل الراوي عن أم النعمان غيره، فتبعه الكلاباذي في هذه الترجمة، ولما كان البخاري لم يخرج للحارث بن شبل البَصْرِيّ الضعيف، توهم أبو الوليد الباجي فظن الكلاباذي قد جمع بينهما، وأدت لجاجة مغلطاي إلى التمسك برد الباجي من غير إشارة إلى ترجمة البخاري للحارث بن شبيل الكوفي الذي صرح فيها"ويُقال: إن شبل"، وهو الذي يأخذ على المزي عدم متابعة أستاذ المحدثين البخاري! أما الحافظ ابن حجر فإنه كثيرا ما يتابع مغلطاي من غير رجوع إلى الموارد، فيقع فيما يقع فيه، والاعجب من ذلك أن الحافظ ابن حجر ذكر أن يعقوب بن سفيان قد فرق بينهما بينما لم يذكر يعقوب في كتابه غير الحارث بن شبل البَصْرِيّ (المعرفة: ٣ / ١٤١، ٤٠٧) ولا أعلمه ذكر الحارث بن شبيل الكوفي الثقة ولو كان المزي جمعهما لذكر أنه روى عن أم النعمان الكندية، ولذكر في الرواة عنه هلال بن فياض اليشكري، وعبد الله بن رجاء، وسهل بن تمام، ولاورد قول أبي حاتم في البَصْرِيّ: هو منكر الحديث ليس بالمعروف، وقول ابن مَعِين: ليس بشيءٍ، وهو الذي يعني العناية البالغة بكتابي ابن أَبي حاتم، وابن عدي خاصة. ولكنه من غير شك فرق بينهما، وإنما تابع البخاري في قوله: ويُقال: ابن شبل، فكان ماذا؟ ! ولهذا البَصْرِيّ الضعيف ترجمة جيدة في الكامل لابن عدي (١ / الورقة ٢٣٠) والميزان ١ / ٤٣٤ (الترجمة ١٦٢٤) واللسان: ٢ / ١٥٢ وغيرها من كتب الضعفاء.