للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يراني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسَلَّمَ، وأذكر رؤيته إياي في كل موطن موضعا مع المشركين، ثم أذكر بره ورحمه وصلته، فألقاه وهو داخل إلى المسجد فيلقاني بالبشر ووقف حتى حييته وسلمت عليه، وشهدت شهادة الحق، فَقَالَ: الحمد لله الذي هداك ما كَانَ مثلك يجهل الإسلام، قال الحارث: فوالله ما رأيت مثل الإسلام جميلا (١) .

قال مُحَمَّد بْن عُمَر: وشهد الحارث بْن هشام مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم حنينا وأعطاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من غنائم حنين مئة من الإبل قال: وَقَال أصحابنا: لم يزل الحارث بْن هشام مقيما بمكة بعد أن أسلم حتى توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وهو غير مغموص عليه في إسلامه، فلما جاء كتاب أبي بكر الصديق يستنفر المسلمين إلى غزو (٢) الروم، قدم الحارث بْن هشام، وعكرمة بْن أَبي جهل، وسهيل بْن عَمْرو على أبي بكر الصديق المدينة، فأتاهم في منازلهم، فرحب بهم، وسلم عليهم، وسر بمكانهم، ثم خرجوا مع المسلمين غزاة إلى الشام، فشهد الحارث فحل، وأجنادين، ومات بالشام في طاعون عمواس، فتزوج عُمَر بْن الخطاب ابنته أم حكيم بنت الحارث بْن هشام وهي أخت عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الحارث، فَكَانَ عَبْد الرَّحْمَنِ يقول: ما رأيت ربيبا خيرا من عُمَر بْن الخطاب.

وَقَال عَبد اللَّهِ بْن المبارك، عن الأسود بْن شَيْبَانَ السدوسي، عَن أَبِي نوفل بْن أَبي عقرب: خرج الحارث بْن هشام من مكة فجزع أهل مكة جزعا شديدا، فلم يبق أحد يطعم إلا


(١) في الاصل جميل، والصواب ما أثبتناه.
(٢) وقع في نسخة ابن المهندس: إلى أن غزو"ولعله سبق قلم.