للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيس سقت الْحَسَن السم، فاشتكى منه شكاة، وكان توضع تحته طست وترفع أخرى نحوا من أربعينه يوما.

وَقَال مُحَمَّد بْن سلام الجمحي، عن ابْن جعدبة: كانت جعدة بنت الأشعث بْن قيس تحت الْحَسَن بْن عَلِيّ، فدس إليها يزيد أن سمي حسنا إنني زوجك، ففعلت، فلما مات الْحَسَن بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها، فقال: إنا والله لم نرضك للحسن فنرضاك لأنفسنا؟ فقال كثير - وقد تروى للنجاشي - (١) :

يا جعد بكية ولا تسأمي • بكاء حق ليس بالباطل

لن تستري البنت على مثله • في الناس من حاف

ومن ناعل أعني الذي أسلمه أهله • للزمن المتخرج الماحل

كَانَ إذا شبت له ناره • يرفعها بالسبب الماثل

كيما يراها بائس مرمل • أو فرد قوم ليس بالآهل يغلي

بنئ اللحم حتى إذا • أنضج لم يغل على آكل

وَقَال سفيان بْن عُيَيْنَة، عن رقبة بْن مصقلة: لما حضر الْحَسَن بْن عَلِيّ الموت، قال: أخرجوا فراشي إلى صحن الدار حتى أنظر في ملكوت السموات، فأخرجوا فراشه، فرفع رأسه إلى المساء فنظر، ثم قال: اللهم إني أحتسب نفسي عندك، فإنها أعز الأنفس عَلِيّ. فكان مما صنع الله أن اتسب نفسه عنده (٢) .


(١) جزم المسعودي في مروج الذهب (٣ / ٥) بنسبتها للنجاشي.
قلت: هو قيس بن عَمْرو بن مالك، من كهلان، شاعر هجاء مخضرم اشتهر في الجاهلية والاسلام، استقر بالكوفة وهجا الناس فهدده عُمَر بقطع لسانه، وضربه عَلِيّ بْن أَبي طالب عَلَى السكر في رمضان، وكان من شيعة علي، ومدح معاوية.
(٢) الحلية: ٢ / ٣٨ - ٣٩.