للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمعت قوما ينكرون عَلَيْهِ كتاب"الخصائص"لعلي رضي الله عَنْهُ وتركه لتصنيف فضائل أَبِي بَكْر وعُمَر وعثمان رضي الله عنهم، ولم يكن فِي ذلك الوقت صنفها، فحكيت لَهُ ما سمعت، فَقَالَ: دخلنا إِلَى دمشق والمنحرف عَنْ علي بِهَا كثير، فصنفت كتاب"الخصائص"رجاء أن يهديهم الله. ثم صنف بعد ذلك فضائل أصحاب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وقرأها على الناس، وقيل لَهُ وأنا حاضر: ألا تخرج فضائل معاوية؟ فَقَالَ: أي شيء أخرج؟ ! "اللهم لا تشبع بطنه"! (١) وسكت وسكت السائل.

وَقَال أَبُو بَكْر بْن المأمون أيضا: سمعت أَبَا بَكْر (٢) ابن الإمام الدمياطي يَقُول لأبي عَبْد الرَّحْمَنِ النَّسَائي: ولدت فِي سنة أربع عشرة يعني ومئتين ففي أي سنة ولدت يا أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ. يشبه أن يكون في سنة خمس عشرة ومئتين، لأن رحلتي الأولى إِلَى قتيبة كانت في سنة ثلاثين ومئتين، أقمت عنده سنة وشهرين.

وَقَال الحاكم أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحَافِظ: سمعت علي بْن عُمَر (٣) يَقُول: كَانَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ النَّسَائي أفقه مشايخ مصر فِي عصره، وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار، وأعلمهم بالرجال، فلما بلغ


(١) أخرجه مسلم في "صحيحه" (٢٦٠٤) في البر والصلة: باب من لعنه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجرا ورحمة، من طريق شُعْبَةُ، عَن أَبِي حَمْزَةَ الْقَصَّابِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فتواريت خلف باب، قال: فَجَاءَ فَحَطَأنِي حَطْأَةً، وَقَال اذْهَبْ: وادع لي معاوية، قال: فجئت، فقلت: هو يأكل، قال: ثم قال لي: اذهب فادع لي معاوية، قال فجئت فقلت: هو يأكل، فقال: لاأشبع الله بطنه"، وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (٢٧٤٦) من طريق هشام وأبي عوانة، عَن أبي حمزة القصاب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بعث إلى معاوية ليكتب له، فقال: إنه يأكل، ثم بعث إليه فقال: إنه يأكل، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لا أشبع الله بطنه"، وهو في "المسند"١ / ٢٤٠، ٢٩١، ٣٣٥، ٣٣٨، من طريق شعبة وأبي عوانة، عَن أبي حمزة به، دون قوله: لاأشبع الله بطنه، وزاد في رواية، وكان
كاتبه (ش) .
(٢) في حواشي النسخ من قول المؤلف: هو محمد بن جعفر بن محمد البغدادي نزيل دمياط.
(٣) يعني الدارقطني.