للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الزبير بْن بكار (١) : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَهْلِهِ، قَالُوا (٢) : قال حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ: كُنْتُ أُعَالِجُ الْبَزَّ (٣) فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وكُنْتُ رَجُلا تَاجِرًا أَخْرُجُ إِلَى الْيَمَنِ وآتِي الشَّامَ فِي الرِّحْلَتَيْنِ (٤) ، فَكُنْتُ أَرْبَحُ أَرْبَاحًا كَثِيرَةً، فَأَعُودُ عَلَى فُقَرَاءِ قَوْمِي، ونَحْنُ لا نَعْبُدُ شَيْئًا، نُرِيدُ بِذَلِكَ ثَرَاءَ الأَمْوَالِ والْمَحَبَّةَ فِي الْعَشِيرَةِ، وكُنْتُ أَحْضُرُ الأَسْوَاقَ، وكَانَتْ لَنَا ثَلاثَةُ أَسْوَاقٍ.

سُوقٌ بِعُكَاظَ يَقُومُ صُبْحَ هِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ فَيَقُومُ عِشْرِينَ يَوْمًا ويَحْضُرُهُ الْعَرَبُ، وبِهِ ابْتَعْتُ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ لِعَمَّتِي خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وهُوَ يَوْمَئِذٍ غلام فأخذته بست مئة دِرْهَمٍ، فَلَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم خَدِيجَةَ سَأَلَهَا زَيْدًا فَوَهَبَتْهُ لَهُ، فَأَعْتَقَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وبِهِ ابْتَعْتُ حُلَّةَ ذِي يَزَنَ فَكَسَوْتُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم، فما رأيت أَحَدًا قَطُّ أَجْمَلَ ولا أَحْسَنَ من رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحُلَّةِ.

ويُقال (٥) : إِنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَدِمَ بِالْحُلَّةِ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ، فِي عِيرٍ، فَأَرْسَلَ بِالْحُلَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، فَأَبَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسَلَّمَ أَنْ يَقْبَلَهَا، وَقَال: لا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ.

قال حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ: فَجَزَعْتُ جَزَعًا شَدِيدًا حَيْثُ رَدَّ هَدِيَّتِي فَبِعْتُهَا بِسُوقِ النَّبَطِ مِنْ أَوَّلِ سَائِمٍ سَامَنِي، ودَسَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَيْهَا زَيْدَ بْن


(١) جمهرة نسب قريش: ١ / ٣٦٧ - ٣٧١.
(٢) في المطبرع من الجمهرة: قال"وما هنا أصح.
(٣) تصحف في المطبوع من الجمهرة إلى: البر.
(٤) يعني: رحلتي الشتاء والصيف، كما جاء في سورة قريش.
(٥) الجمهرة: ١ / ٣٦٨.