للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَرَدْتُ الْجِهَادَ، فَدُلِلْتُ عَلَيْكَ لِتَحْمِلَ رِجْلَتِي (١) ، وتُعِينَنِي عَلَى ضَعْفِي.

قال: اجْلِسْ، فَلَمَّا أَمْكَنَتْهُ الشَّمْسُ وارْتَفَعَتْ رَكَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وأَوْمَأَ إِلَى الْيَمَانِيِّ فَتَبِعَهُ. قال: فَجَعَلَ كُلَّمَا مَرَّ بِصُوفَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ أو سلمة (٢) نَفَضَهَا، فَأَخَذَهَا. قال: فَقُلْتُ: واللَّهِ مَا زَادَ الَّذِي دَلَّنِي عَلَى هَذَا أَنْ (٣) لَعِبَ بِي، أَيُّ شَيْءٍ عِنْدَ هَذَا مِنَ الْخَيْرِ بَعْدَ مَا أَرَى؟ قال: فَدَخَلَ دَارَهُ، فَأَلْقَى الصُّوفَةَ مَعَ الصُّوفِ، والْخِرْقَةَ مَعَ الْخِرَقِ، والسَّمَلَةَ مَعَ السِّمَالِ.

قال: ثُمَّ قال لِغُلامٍ لَهُ: هَاتِ لِي بَعِيرًا ذَلُولا، قال: فَأُتِيَ بِهِ ذَلُولا مَوَقَّعًا (٤) سَمِينًا. قال: ثُمَّ دَعَا بِجَهَازٍ (٥) فَشُدَّ عَلَى الْبَعِيرِ، ثُمَّ دَعَا بِخِطَامٍ فَخَطَمَهُ، ثُمَّ قال: هَلْ مِنْ جُوَالَقَيْنِ (٦) ، فَأُتِيَ بِجُوَالَقَيْنِ، فَأَمَرَ لِي بِدَقِيقٍ، وسَوِيقٍ، وعُكَّةٍ مِنْ زَيْتٍ، وَقَال: انْظُرْ مِلْحًا وجِرَابًا مِنْ تَمْرٍ حَتَّى إِذَا (٧) لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ (٨) مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُسَافِرُ (٩) إِلا أَعْطَانِيهِ وكَسَانِي، ثُمَّ دَعَا بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَدَفَعَهَا إِلَيَّ، فَقَالَ: هَذِهِ لِلطَّرِيقِ. قال: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، وكَانَ هَذَا فِعْلَ حكيم.


(١) الرجلة: المشي راجلا، لانه لا دابة له.
(٢) جاء في حاشية نسخة المؤلف تعليق بخطه: السمل: الخلق". وقرأها الاستاذ محمود شاكر: شملة"بالشين المعجمة، وَقَال معلقا: والشملة كساء أو مئزر من صوف أو شعر، واراد أنها شملة بالية ملقاة"، وما أظنه أصاب في قراءته.
(٣) الذي في المطبوع من الجمهرة: على أن.
(٤) جاء في حاشية النسخة تعليق للمؤلف نصه: قال الخليل: التوقيع سجح بأطراف عظام الدابة من الركوب، والدابة موقع.
(٥) الجهاز: بفتح الجيم، ما يكون على الراحلة من أداتها.
(٦) الجوالق: بضم الجيم وفتح اللام، وعاء يكون فيه الطعام.
(٧) ضبب عليها المؤلف.
(٨) قوله: شئ"ليست في المطبوع من الجمهرة.
(٩) في الجمهرة: مسافر"