للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرطه بلغت مئات عديدة، وقرر تأليف كتاب جديد يستند في أسسه على كتاب "الكمال" وسماه"تهذيب الكمال في أسماء الرجال". والظاهر أنه اشتغل بمادة الكتاب منذ فترة مبكرة، فقد أشار الذهبي في مقدمة كتابه"تاريخ الاسلام"إلى أنه طالع مسودة كتاب"التهذيب"قبل قيامه بتأليف كتابه، ثم طالع المبيضة كلها (١) . وقد بدأ المزي يضع كتابه بصيغته النهائية المبيضة في اليوم التاسع من محرم سنة (٧٠٥) ولم ينته منه إلا يوم عيد الاضحى من سنة (٧١٢) (٢) ، وبذلك يكون قد قضى في تبييضه وإعادة النظر فيه ثمانية أعوام إلا شهرا.

وقد ظن بعضهم غلطا أن الحافظ المزي إنما اختصر كتاب "الكمال" لعبد الغني حينما ألف كتابه"تهذيب الكمال" (٣) ، وكأنهم ربطوا بين كلمتي"الاختصار"و"التهذيب"مع أن الاخيرة تدل في الاغلب على التنقية والاصلاح (٤) . والحق أن المزي قد تجاوز كتاب "الكمال" في كتابه هذا تجاوزا أصبح معه التناسب بينهما أمرا بعيدا، سواء أكان ذلك في المحتوى، أم التنظيم، أم الحجم، وإليك بيان ذلك على وجه الاختصار:


(١) انظر مقدمة تاريخ الاسلام، وقد ابتدأ الذهبي كتابه قبل بدء المزي بإخراج كتابه بصيغته النهائية، راجع كتابنا: الذهبي: ٢٤ فما بعد.
(٢) نص المؤلف على ذلك في آخر كتابه، ولعل من أبرز الادلة على أن هذه كانت المبيضة.
١- عدم وجود إضافات ذات بال في حواشي الاصل.
٢- أن المؤلف لم يعد النظر في أية مسألة من مسائله طوال ثلاثين عاما مع أنه حدث به خمس مرات.
٣- أن ابن المهندس كان ينقل نسخته الاولى حينما ينتهي المؤلف من تبييض قسم منها، وهذا هو الذي يفسر لنا ما يبدو متناقضا لاول وهلة بين ما ذكره المؤلف في ابتداء تأليفه الكتاب وانتهائه منه وبين ما وجدناه بخط ابن المهندس من أنه نسخ المجلد الاول سنة ٧٠٦.
(٣) انظر مثلا مقدمة خلاصة تذهيب تهذيب الكمال للشيخ عبد الفتاح أبي غدة: ٦.
(٤) راجع"هذب"في معجمات اللغة.