للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالد بْن عُمَير، قال: خطبنا عتبة بْن غزوان، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإن الدنيا قد آذنت بصرم (١) ، وولت حذاء (٢) ولم يبق منها إلا صبابة (٣) كصبابة الإناء يتصابها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إِلَى دار لا زوال لها. فانتقلوا بخير ما بحضرتكم. فإنه فذ ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفة جهنم فيهوي فيها سبعين عاما لا يدرك لها قعرا، والله لتملأن أفعجبتم؟ ولقد ذكر لنا أم ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ (٤) من الزحام، ولقد رأيتني وإني لسابع سبعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت (٥) أشداقنا، ولقد التقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد (٦) فائتزرت بنصفها وائتزر سعد بنصفها، فما منا أحد اليوم حي إلا أصبح وهو أمير مصر من الأمصار فأعوذ بالله أن أكون عظيما فِي نفسي صغيرا عند اللَّه، وإنها لم تكن نبوة إلا تناسخت حتى يكون آخر عاقبتها ملكا، وستبلون وتجربون الأمراء بعدنا.

وأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ابْنُ الدَّرَجِيِّ، قال: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ الْفَاخِرِ، وغَيْرُ واحِدٍ، قَالُوا: أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبد اللَّهِ، قَالَتْ: أخبرنا أَبُو بَكْرِ بْنُ رِيذَةَ قال: أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، قال: حَدَّثَنَا


(١) الصرم: الانقطاع والذهاب.
(٢) حذاء: مسرعة الانقطاع.
(٣) الصبابة: البقية اليسيرة.
(٤) كظيظ: ممتلئ.
(٥) قرحت: أي صار فيها قروح وجروح.
(٦) يعني: سعد بن أَبي وقاص.