للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عمي مصعب بْن عَبد اللَّهِ (١) : وحدثت عَنْ مولى لخالته أم هاشم بنت منظور، يقَالَ لَهُ: يَعْلَى بْن عقيبة (٢) ، قال: كنت أمشي معه وهو يحدث نفسه إذا وقف، ثم قال: سأل قليلا فأعطى كثيرا, وسأل كثيرا فأعطي قليلا، فطعنه فأذراه (٣) فقتله، ثم أقبل عَلِيّ, فقَالَ: قتل عَمْرو بْن سَعِيد الساعة, ثم مضى, فوجد ذلك اليوم الذي قتل فيه عَمْرو بْن سَعِيد، وله أشباه هذا، يذكرونها، فالله أعلم ما هي, وكان مع ذلك عالما بقريش، وكان طويل الصلاة, قليل الكلام.

قال: وكان الْوَلِيد بْن عَبد المَلِك قد كتب إِلَى عُمَر بْن عبد العزيز إذ كان واليا لَهُ عَلَى المدينة يأمره بجلده مئة سوط وبحبسه، فجلده عُمَر مئة

سوط، وبرد لَهُ ماء فِي جرة، ثم صبها عليه فِي غداة باردة فكز (٤) فمات فيها, وكان عُمَر قد أخرجه من السجن حين اشتد وجعه، وندم عَلَى ما صنع, فانتقله آل الزبير فِي دار من دورهم.

قال عمي مصعب بْن عَبد اللَّهِ (٥) : أَخْبَرَنِي مصعب بْن عُثْمَانَ: أنهم نقلوه إِلَى دار عُمَر بْن مصعب بْن الزبير ببقيع الزبير، فاجتمعوا عنده حَتَّى مات, فينا هم جلوس، إذ جاءهم الماجشون, يستأذن عليهم, وخبيب مسجى بثوبه، وكان الماجشون يكون مع عُمَر بْن عبد العزيز فِي ولايته عَلَى المدينة، فقَالَ عَبد اللَّهِ بْن عروة: ائذنوا لَهُ, فلما دخل، قال عَبد اللَّهِ بْن عروة: كأن صاحبك في مرته من موته (٦) اكشفوا لَهُ عنه، فكشفوا عنه،


(١) الجمهرة ١ / ٣٦ - ٣٧.
(٢) تحرف في تهذيب ابن حجر إلى: عقبة.
(٣) أذاره: أي صرعه وألقاه.
(٤) الكزاز: داء يأخذ من شدة البرد، يتشنج البدن وينقبض، وتعتري منه رعدة.
(٥) الجمهرة: ١ / ٣٨.
(٦) في المطبوع من الجمهرة"من أمره"خطأ، ولكن انظر مستدرك المحقق: ٥٣٧.