للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه، وهو أول من استخراج العروض، وحصر اشعار العرب بها، وعمل أول كتاب"العين"المعروف المشهور الذي بِهِ يتهيأ ضبط اللغة. وكان من الزهاد فِي الدنيا، والمنقطعين إِلَى العلم، ويروى عنه أَنَّهُ قال: إن لم تكن هذه الطائفة، يعني أهل العلم - أولياء اللَّه فليس لله ولي. وقد كان وجه إليه سُلَيْمان بْن عَلِيٍّ من الأهواز، وكان واليها، يلتمس منه الشخوص إليه وتأديب أولاده ويرغبه - ويُقال: إن الذي وجه إليه سُلَيْمان بْن حبيب بْن المهلب من أرض السند، يستدعيه إليه - وكان الخليل بالبصرة فأخرج الخليل إِلَى رسول سُلَيْمان خبزا يابسا، وَقَال: ما عندي غيره، وما دمت أجده فلا حاجة لي فِي سُلَيْمان. فقَالَ الرسول: فما أبلغه عنك؟ فأنشا يَقُولُ:

أبلغ سُلَيْمان أني عنك فِي سعة ... ، فذكر البيتين، وزاد غير السيرافي بيتا ثالثا:

فالرزق عَنْ قدر لا العجز ينقصه • ولا يزيدك فيه حول محتال (١)

قال السيرافي: وكان الخليل يَقُولُ الشعر، البيتين والثلاثة ونحوها فِي الآداب، كمثل ما يروى لَهُ:

لو كنت تعلم ما أقول عذرتني • أو كنت اجهل ما تقول عذلتكا

لكن جهلت مقالتي فعذلتني • وعلمت انك جاهل فعذرتكا

وكما يروى له في الزهد:


(١) وزاد غيرهم رابعا وهو:
والفقر في النفس لا في المال نعرفه • ومثل ذاك الغني في النفس لا المال (إرشاد الاريب: ١١ / ٧٦، ووفيات الاعيان ٢ / ٢٤٦ وغيرهما) .