ألف حديث، فقيل لَهُ: وما يدريك؟ قال: ذاكرته فأخذت عَلَيْهِ الأبواب.
وَقَال مُوسَى بْن هارون الْحَافِظ، عَنْ نوح بْن حبيب القومسي: رأيت أَبَا عَبد اللَّهِ أَحْمَد بْن حنبل فِي مسجد الخيف سنة ثمان وتسعين ومئة مستندا إِلَى المنارة، وجاءه أصحاب الحديث، وهو مستند، فجعل يعلمهم الفقه والحديث، ويفتي الناس فِي المناسك.
وَقَال عَبد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل: حضر قوم من أصحاب الحديث فِي مجلس أَبِي عاصم الضحاك بْن مخلد، فَقَالَ لهم: ألا تتفقهون وليس فيكم فقيه؟ ! فجعل يذمهم، فقالوا: فينا رجل، فَقَالَ: من هو؟ فقالوا: الساعة يجئ، فلما جاء أَبِي، قَالُوا: قد جاء، فنظر إليه، فَقَالَ لَهُ: تقدم، فقال: أكره أن أتخطى الناس، فَقَالَ أَبُو عاصم: هذا من فقهه واحد، فَقَالَ: وسعوا لَهُ، فوسعوا، فدخل، فأجلسه بين يديه، وألقى عَلَيْهِ مسألة، فأجاب، وألقى ثانية فأجاب، وثالثة فأجاب، ومسائل فأجاب، فَقَالَ أَبُو عاصم: هذا من دواب البحر ليس من دواب البر، أو من دواب البر ليس من دواب البحر.
وَقَال عَبد اللَّهِ أيضا: خرج أَبِي إِلَى طرسوس ماشيا، وخرج إِلَى الْيَمَن ماشيا وحج خمس حجج، ثلاثا منها ماشيا، ولا يمكن لأحد أن يَقُول: رأى أَبِي فِي هذه النواحي يوما إلا إذا خرج إِلَى الجمعة، وكان أصبر الناس على الوحدة، وبشر رحمه الله فيما كَانَ فيه لم يكن يصبر على الوحدة، وكان يخرج إِلَى ذا ساعة وإلى ذا ساعة (١) .
وَقَال أيضا: كَانَ أَبِي يصلي فِي كل يوم وليلة ثلاث مئة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط، أضعفته، فكان يصلي فِي كل يوم وليلة