للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن حسان، قال: قال لي عمي: قدم مُحَمَّد بْن قحطبة الكوفة فقَالَ: أحتاج إِلَى مؤدب يؤدب أولادي. حافظ لكتاب اللَّه. عالم بسنة رَسُول اللَّهِ والأثر بالفقه والنحو والشعر وأيام الناس.

فقيل: ما يجمع هذه الأشياء إلا دَاوُد الطائي، وكان مُحَمَّد بْن قحطبة ابْن عم دَاوُد، فأرسل إليه يعرض ذلك عليه ويسني لَهُ الارزاق والفائدة.

فأبى دَاوُد ذلك، فأرسل إليه بدرة: عشرة آلاف درهم، وَقَال: استعن بها عَلَى دهرك، فردها، فوجه إليه بدرتين مع غلامين لَهُ مملوكين، وَقَال لهما: إن قبل البدرتين فأنتما حران، فمضيا بهما إليه فأبى أن يقبلهما، فقالا لَهُ: إن فِي قبولهما عتق رقابنا، فَقَالَ لهما: إني أخاف أن يكون فِي قبولهما وهق (١) رقبتي فِي النار، رداها إليه، وقولا لَهُ إن يردهما عَلَى من أخذهما منه أولى من أن يعطيني أنا.

قال الْحَافِظ أَبُو بَكْر (٢) : وكان دَاوُد ممن شغل نفسه بالعلم. ودرس الفقه، وغيره من العلوم، ثم اختار بعد ذلك العزله، وآثر الانفراد والخلوة

ولزم العبادة واجتهد فيها إِلَى آخر عُمَره، وقدم بغداد فِي أيام المهدي، ثم عاد إِلَى الكوفة، وبها كانت وفاته.

وَقَال أَبُو عُبَيد الآجري، عَن أبي داود: كان عند ابن عُيَيْنَة، عَنْ دَاوُد الطائي حديث واحد، وكان عند ابن عليه، عنه تسعة أحاديث. قال: وسمعت أبا دَاوُد يَقُولُ: دفن دَاوُد الطائي كتبه، ودفن أَبُو أسامة كتبه


(١) الوهن - محركة ويسكن - الحبل يرمى في أنشوطة فتؤخذ به الدابة والانسان. وانظر تاريخ الخطيب: ٨ / ٣٤٩.
(٢) تاريخ بغداد: ٨ / ٣٤٧.