للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الملك. فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَا أَجْهَلَكَ (١) إِنَّكَ تُشْبِهُ أَبَاكَ، إِنْ ولِّيتَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا، فَاسْتَوْصِ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ خَيْرًا، فَأشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرة لَحَدَّثَنِي عَنْ حِبِّي وحِبِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَاحِبِ هَذَا الْبَيْتِ، قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جَاءَ نَاحِيَةً مِنَ الْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا بُيُوتُ السَّقْيَاءِ، وخَرَجْتُ مَعَهُ فَوَقَفَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ.

ورَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى أَنِّي لأَرَى بَيَاضَ مَا تَحْتَ مِنْكَبَيْهِ، ثُمَّ قال: اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ نَبِيَّكَ وخَلِيلَكَ دَعَاكَ لأَهْلِ مَكَّةَ, وأَنَا نَبِيُّكَ ورُسُولُكَ أَدْعُوكَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وصَاعِهِمْ, وقَلِيلِهِمْ وكَثِيرِهِمْ، ضِعْفَيْ مَا بَارَكْتَ لأَهْلِ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ ارْزُقْهُمْ مِنْ ها هنا وهَاهُنَا، وأَشَارَ إِلَى نَوَاحِي الأَرْضِ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَهُمْ بِسُوءٍ فَأَذِبْهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ (٢) ، فالتفت إِلَى الشيخين، فقَالَ: ما يَقُولُ هذا؟ فقالا: هذا حديث معروف مروي، وقد سمعنا أيضا أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قال: مَنْ أَخَافَهُمْ فَقَدْ أَخَافَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ، وأشار كل رجل منهم إِلَى قلبه.

أَخْبَرَنَا بذلك أَبُو الْحَسَنِ بْن البخاري، قال: أَخْبَرَنَا أبو حفص بن طَبَرْزَذَ، قال: أخبرنا أَبُو غالب ابْن البنا، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر ابن مسلمة، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلَّصِ، قال: أَخْبَرَنَا أبو بكر بْن أَبي دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن صالح، قال: حَدَّثَنَا أنس بن عياض، فذكره.


(١) ضبب عليها المؤلف.
(٢) حديث صحيح أخرجه مسلم (١٣٨٦) في الحج، باب من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله، من عدة طرق إلى أبي عَبد الله القراظ، وأخرجه النَّسَائي في المناسك، من سننه الكبرى (انظر تحفة الاشراف: ٩ / ٣٤٠، حديث ١٢٣٠٧) .