للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الحسين المعروف بالترك عَنْ فتح بْن الحجاج: سمعت فِي دار الأمير أَبِي مُحَمَّد عَبد اللَّهِ بْن طاهر أن الأمير بعث عشرين رجلا، فحزروا كم صلى على أَحْمَد بْن حنبل، قال فحزروا، فبلغ ألف ألف وثمانين ألفا.

وَقَال غيره: وثلاث مئة ألف سوى من كَانَ فِي السفن فِي الماء.

وَقَال الإمام أَبُو عثمان الصابوني: سمعت أَبَا عبد الرحمن السلمي يقول: حضرت جنازة أبي الفتح القواس الزاهد مع الشيخ أَبِي الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، فلما بلغ إِلَى ذلك الجمع الكبير، أقبل علينا، وَقَال: سمعت أَبَا سهل بْن زياد القطان يَقُول: سمعت عَبد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل يَقُول: سمعت أَبِي يَقُول: قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم يوم الجنائز (١) .

قال أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ على أثر هذه الحكاية: إنه حزر الحزارون المصلين على جنازة أَحْمَد، فبلغ العدد بحزرهم ألف ألف وسبع مئة ألف سوى الذين كانوا فِي السفن (٢) .


(١) صدق الإمام أحمد في قوله هذا، وصدقه الله تعالى في قوله، وقد جربنا ذلك على توالي الدهور، وقد مات الإمام تقي الدين ابن تيمية الحراني بدمشق سنة ٧٢٨ وهو محبوس في القلعة من جهة السلطان، فما بقي أحد من أهل دمشق إلا خرج لتشييعه، فكان يوما مشهودا، قال المؤرخ المحدث علم الدين البرزالي المتوفى سنة ٧٣٩ في كتابه"المقتفي لتاريخ أبي شامة"عند ذكر وفاة شيخ الاسلام ابن تيمية: ولا شك أن جنازة أحمد بن حنبل كانت هائلة عظيمة بسبب كثرة أهل بلده واجتماعهم لذلك وتعظيمهم له، وأن الدولة كانت تحبه، والشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله توفي ببلدة دمشق وأهلها لا يعشرون أهل بغداد حينئذ كثرة، ولكنهم اجتمعوا لجنازته اجتماعا لو جمعهم سلطان قاهر، وديوان حاصر، لما بلغوا هذه الكثرة التي اجتمعوها في جنازته، وانتهوا إليها. هذا مع أن الرجل مات بالقلعة محبوسا من جهة السلطان وكثير من الفقهاء والفقراء يذكرون عنه للناس أشياء كثيرة، مما ينفر منها طباع أهل الاديان، فضلا عن أهل الاسلام، وهذه كانت جنازته"قلت: وانظر تفاصيل جنازة شيخ الاسلام ابن تيمية عند ابن كثير في البداية: ١٤ / ١٣٥ فما بعد.
(٢) آخر الجزء الخامس من الاصل، وفي هذه الورقة منه جملة من السماعات على المؤلف بخطه وبخط غيره، منها سماع بخط خليل بن كيكلدي العلائي، وآخر بخط أبي عَبد الله محمد بن إبراهيم ابن المهندس، وثالث بخط العلامة تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي، ورابع بخط محمد بن حسن بن محمد الخبري المعروف بابن النقيب وغيرهم.