للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ: يا أمير المؤمنين، ما روي أعجب من أمر الواثق، قتل أَحْمَد بْن نصر، وكان لسانه يقرأ القرآن إِلَى أن دفن. قال: فوجد المتوكل من ذلك وساءه ما سمعه فِي أخيه، إذ دخل عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن عَبد المَلِك الزيات، فَقَالَ لَهُ: يا ابْن عَبد المَلِك، فِي قلبي من قتل أَحْمَد بْن نصر، فقال: يا أمير المؤمنين، أحرقني الله بالنار، إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرا. قال: ودخل عَلَيْهِ هرثمة.

فَقَالَ: يا هرثمة، فِي قلبي من قتل أَحْمَد بْن نصر، فقال: يا أمير المؤمنين، قطعني الله إربا إربا، إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرا، قال: ودخل عَلَيْهِ أَحْمَد بْن أَبي دؤاد، فَقَالَ: يا أَحْمَد فِي قلبي من قتل أَحْمَد بْن نصر، فَقَالَ: يا أمير المؤمنين، ضربني الله بالفالج، إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرا، قال المتوكل: فأما الزيات، فأنا أحرقته بالنار، وأما هرثمة، فإنه هرب وتبدى، واجتاز بقبيلة خزاعة، فعرفه رجل فِي الحي، فَقَالَ: يا معشر خزاعة هذا الذي قتل ابْن عمكم أَحْمَد بْن نصر. فقطعوه إربا إربا، وأما ابْن أَبي دؤاد، فقد سجنه الله فِي جلده (١) .

وبه (٢) : أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَبي بَكْر، عَنْ أَحْمَد بْن كامل القاضي قال: حمل أَحْمَد بْن نصر بْن مَالِك الخزاعي من بغداد إِلَى سر من رأى، فقتله الواثق فِي يوم الخميس ليومين بقيا من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومئتين وفي يوم السبت مستهل شهر رمضان، نصب رأسه ببغداد، على رأس الجسر، وأَخْبَرَنِي أبي أنه رآه، وكان (٣) شيخا أبيض الرأس واللحية، وأَخْبَرَنِي أنه وكل برأسه من يحفظه بعد أن نصب برأس الجسر، وأن الموكل به ذكر أنه يراه بالليل يستدير إِلَى القبلة بوجهه، فيقرأ سورة يس، بلسان طلق، وأنه لما أخبر بذلك طلب،


(١) نقل المزي هذه الحكاية من تاريخ الخطيب، وقد ذكرها غير واحد من المؤرخين، وثبات هؤلاء، الأئمة الاعلام مشهور في كتب التاريخ اللهم نسألك العافية والغفران لمن أساء لهم.
(٢) "تاريخ بغداد": ٥ / ١٧٨.
(٣) في "تاريخ بغداد"، وهو أكثر توضيحا للرواية: قال: وكان..