للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال يَعْقُوب بْن سفيان، عَنِ يَحْيَى بْن بكير (١) : قدم جماعة من المِصْرِيين الْمَدِينَة، فأتوا باب سَالِم بْن عَبد اللَّهِ، فسمعوا رغاء بعير، فبينا هم كذلك خرج عليهم رجل آدم شديد الأدمة، متزر بكساء صوف إِلَى ثندوته، فَقَالُوا لَهُ: مولاك داخل؟ فَقَالَ: من تريدون؟ قَالُوا: سَالِم بْنِ عَبد اللَّهِ. قال ابْنُ بكير: فلما كلمهم جاء شيء غير المنظر. قال: من أردتم؟ قَالُوا: سَالِم. قال: ها أنا ذا، فما جاء بكم؟ قَالُوا: أردنا أن نسائلك، قال: سلوا عما شئتم، وجلس ويده ملطخ بالدم والقيح الذي أصابه من البعير، فسألوه.

وَقَال أشهب بْن عَبْد الْعَزِيزِ، عَنْ مَالِك (٢) : لم يكن أحد فِي زمان سَالِم بْن عَبد اللَّهِ أشبه بمن مضى من الصالحين فِي الزهد والفضل والعيش منه، كَانَ يلبس الثوب بدرهمين، ويشتري الشمال (٣) فيحملها. قال: وَقَال سُلَيْمان بْن عَبد المَلِك (٤) لسالم - ورآه حسن السحنة: أي شيء تأكل؟ قال: الخبز والزيت، وإذا وجدت اللحم أكلته. فَقَالَ لَهُ عُمَر (٥) : أو تشتهيه؟ قال: إذا لم أشتهيه تركته حَتَّى أشتهيه.

وَقَال أَبُو المليح الرَّقِّيّ (٦) ، عَنْ ميمون بن مهران: دخلت على


(١) اقتبسه المؤلف من تاريخ ابن عساكر: ٧ / الورقة ١٤ - ١٥.
(٢) المعرفة ليعقوب: ١ / ٥٥٦، وابن عساكر: ٧ / الورقة ١٤.
(٣) جمع شملة، وهي كساء دون القطيفة يشتمل به.
(٤) في طبقات ابن سعد"هشام بن عبد الملك" (٥ / ٢٠٠) .
(٥) هكذا أيضا في تاريخ ابن عساكر، وفي طبقات ابن سعد أن القائل هو هشام بن عَبد المَلِك (٥ / ٢٠٠) ، وفي المعرفة ليعقوب: سُلَيْمان بن عَبد المَلِك (١ / ٥٥٦) ، ولعله يريد: عُمَر بن عبد العزيز فقد كان من حضار مجلس سُلَيْمان بن عَبد المَلِك كما سيأتي في خبر آت، والله أعلم.
(٦) تاريخ ابن عساكر: ٧ / الورقة ١٤.