للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأعرابي يقلب الدنانير بيده ويبكي، فَقَالَ سَعِيد: ما يبكيك يَا أعرابي؟ قال: أبكي والله أن تكون الأرض تبلى مثلك.

وَقَال سُلَيْمان بْن أَبي شيخ، عَن أبي سفيان الحميري، عن عبد الحميد بْن جَعْفَر الأَنْصارِيّ: قدم أعرابي الْمَدِينَة، يطلب فِي أربع ديات حملها، فقيل لَهُ: عليك بحسن بْن علي، عليك بعَبد الله بْن جَعْفَر، عليك بسَعِيد بْن العاص، عليك بعُبَيد الله بْن الْعَبَّاس. فدخل المسجد فرأى رجلا يخرج ومعه جماعة، فَقَالَ: من هَذَا؟ فقيل: سَعِيد بْن العاص. قال: هَذَا أحد أصحابي الذين ذكروا لي. فمشى معه، فأخبره بالذي قدم لَهُ، ومن ذكر لَهُ، وأنه أحدهم، وهُوَ ساكت لا يجيبه، فلما بلغ منزله قال لخازنه: قل لهذا الأعرابي فليأت بمن يحمل لَهُ. فقيل لَهُ: ائت بمن يحمل لك. قال: عافى الله سَعِيدا، إنما سألناه ورقا (١) لم نسأله تمرا. قال: ويحك، ائت بمن يحمل لك. فأخرج إِلَيْهِ أربعين ألفا، فاحتملها الأعرابي، فمضى إِلَى البادية ولم يلق غيره.

وَقَال حَفْص بْن عُمَر السياري، عَنِ الأَصْمَعِيّ، عَن أَبِيهِ: كَانَ سَعِيد بْن العاص يدعو إخوانه وجيرانه فِي كل جمعة، فيصنع لهم الطعام ويخلع عليهم الثياب الفاخرة، ويأمر لهم بالجوائز الواسعة، ويبعث إِلَى عيالاتهم بالبر الكثير، وكان يوجه مولى لَهُ فِي كل ليلة جمعة، فيدخل المسجد ومعه صرر فيها دناير، فيضعها بين يدي المصلين، وكان قد كثر المصلون فِي كل ليلة جمعة فِي مسجد الكوفة.

وَقَال أَبُو بَكْر بْن أَبي خَيْثَمَة، عَن أَبِيهِ، عَنْ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: كان


(١) الورق: الدراهم.