ومن زعم أَنَّهُ الأَغَر أَبُو مسلم الذي يروي عنه أهل الكوفة كما حكاه
عنهم فهو زعم باطل. والذي يدل عَلَى بطلانه وجوه:
أحدهما: أَنَّهُ مدني وليس بكوفي ولا يعرف لَهُ ذكر بالكوفة، ولا لأحد من أهل الكوفة عنه رواية إلا ما حكى عبد الغني بْن سَعِيد من أَنَّهُ مسلم المديني الذي يروي عنه الشعبي، فإن صح ذلك - وما ابعده من الصحة - فإن اسمه مسلم ولقبه الأَغَر وذلك مما يؤكد أَنَّهُ غير سلمان، وذاك حديثه عند أهل الكوفة دون أهل المدينة كما تقدم.
الثاني: أَنَّهُ مولى جهينة وذلك مولى أبي سَعِيد الخُدْرِيّ، وأبي هُرَيْرة الدوسي وليسا من جهينة.
الثالث: أَنَّهُ يكنى بابنه عَبد اللَّهِ بْن سلمان، وذاك كنيته أَبُو مسلم، ولا يعرف لَهُ ولد.
الرابع: أَنَّهُ يروي عَنْ جماعة سوى أبي سَعِيد وأبي هُرَيْرة كما تقدم وذاك لا يعرف لَهُ رواية عَنْ غيرهما.
الخامس: إن اسمه سلمان ولقبه الأَغَر، وذاك اسمه الأَغَر ولا يعرف لَهُ اسم ولا لقب سواه إلا ما حكي عَنِ الشعبي إن صح ذلك.
وأما قول أَحْمَد بْن حَنْبَل: الأَغَر وسلمان واحد فإنما يعني بِهِ هذا دون ذاك بدليل أَنَّهُ لم يتعرض لذكر كنيته ولا غيرها مما يقتضي جمعا أو فرقا، والله أعلم (١) .
روى له الجماعة.
(١) الأَغَر أبو عبد الله هذا ذكره ابنُ حِبَّان فِي "الثقات"، وذكر ابن خلفون أن الذهلي وثقه، وَقَال ابن عَبد الْبَرِّ في كتاب"الاستغناء": هو من ثقات تابعي أهل الكوفة".