السجستاني، قال: ولي رجل من أهل الكوفة من بني هاشم أعمال البصرة فدخلت عليه مسلما، فقال: من علماؤكم بالبصرة؟ قلت: المازني من أعلمهم بالنحو، والرياشي من أعلمهم بعلم الأَصْمَعِيّ، والزيادي من أعلمهم بعلم أبي زيد، وهلال الرأي من أعلمهم بالرأي، وابن الشاذكوني من أرواهم للحديث، وابن الكلبي من أكتبهم للشروط، وأنا - أصلحك اللَّه - أنسب إلى العلم بالقرآن. فقال لكاتبه: اجمعهم عندي. فجمعنا عنده، فقال: أيكم أَبُو عثمان المازني؟ قال: ها أنا ذا. قال: ما تقول فِي كفارة الظهار، أيجوز فيه عتق غلام أعور؟ قال: وما علمي بهذا، علمه عند هلال، فالتفت إلى هلال، فقال:(يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) علام ما انتصب؟ قال: وما علمي بهذا، علمه عند الرياشي.
فالتفت إلى الرياشي، فقال: كم حديثا روى ابن عون عَنِ الحسن؟ قال: وما علمي بهذا، علمه عند ابْن الشاذكوني. فالتفت إلى ابن الشاذكوني، فقال: ما العنجد فِي كلام العرب؟ قال: وما علمي بهذا، علمه عند ابن الزيادي. فالتفت إلى الزيادي، فقال: كيف تكتب وثيقة بين رجل وامرأة أرادت الخلع بترك صداقها؟ قال: وما علمي بذا، علمه عند ابْن الكلبي.
فالتفت إلى ابن الكلبي، فقال: ألا إنهم تثنوني صدورهم من قرابة. قال: وما علمي بذا، علمه عند ابن السجستاني، فالتفت إلي فقال: كيف تكتب كتابا إلى أمير المؤمنين تذكر فيه خصاصة أهل البصرة وما نالهم من الضياع فِي نخلهم؟ قلت: أصلحك اللَّه لست صاحب بلاغة ولا أحسن إنشاء الكتب إلى السلطان. فقال: ما مثلكم إلا مثل الحمار، يسعى الرجل فِي الفن الواحد خمسين سنة ثم يزعم أنه عالم، لكن عالمنا بالكوفة لو سئل عَنْ هذا كله لأجاب. قيل: إنه أراد الكسائي واللَّه أعلم.