للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تَنْقُلُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا (١) ، ولا تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا (٢) .

قال عُرْوَةُ: وقَدْ كَانَتْ عَائِشَةُ وضَعَتْ لِي مَعَهُ كَلْبَ أَبِي زَرْعٍ فَأُنْسِيتُهُ.

قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ والأَوْطَابُ تُمْخَضُ (٣) ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا ولَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ (٤) فَنَكَحَهَا وطَلَّقَنِي، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلا سَرِيًّا رَكِبَ شَرِيًّا (٥) وأَخَذَ خَطِّيًّا (٦) ، قَدْ أَرَاحَ عَلَيَّ نِعَمًا ثَرِيًّا (٧) ، فَقَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ، ومِيرِي أَهْلَكِ (٨) . قَالَتْ:

فَلْو جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: قال لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُم زرع" (٩) .


(١) ولا تنقل ميرتنا تنقيثا ; الميرة: الطعام المجلوب، ومعناه لا تفسده ولا تفرقه ولا تذهب به، أي وصفها بالامانة.
(٢) أي لا تترك الكناسة والقمامة فيه مفرقة كعش الطائر، بل هي مصلحة للبيت معتنية بتنظيفه.
(٣) والاوطاب تمخض، الاوطاب: هي أسقية اللبن التي يمخض فيها.
أرادت أن الوقت الذي خرج فيه كان في زمن الخصب وطيب الربيع.
(٤) يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ: قال أبو عُبَيد: معناه إنها ذات كفل عظيم فإذا استلقت على قفاها نتأ الكفل بها من الارض حتى تصير تحتها فجوة يجري فيها الرمان.
(٥) رجلا سريا ركب شريا ; سريا: معناه سيدا شريفا، وقيل سخيا.
وشريا: هو الفرس الذي يستشري في سيره، أي: يلح ويمضي بلا فتور ولا انكسار.
(٦) الخطي: الرمح، منسوب إلى الخط قرية من سيف البحر.
(٧) وأراح علي نعما ثريا: أي أتى بها إلى مراحها، وهو موضع بيتها.
والنعم: الابل والبقر والغنم، والثري: الكثير المال وغيره، ومنه الثروة في المال وهي كثرته.
(٨) وميري أهلك: أي أعطيهم وأفضلي عليهم وصليهم.
(٩) كنت لك كأبي زرع لأُم زرع: هو تطبيب لنفسها، وإيضا لحسن عشرته إياها.