للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شبر من أرض العَرُوبَة والاسلام وتنظيف البلاد من الغزاة الصليبيين على عهد السلطان الملك الاشرف صلاح الدين خليل (١)

..سمعت المنادي في مستهل ربيع الاول من السنة ينادي للغزاة في سبيل الله إلى عكا، وشاهدت المطوعة، وفيهم المحدثون والفقهاء والمدرسون والصالحون ينضمون إلى الجيش. قال الإمام الذهبي: وكان يومها شابا في السابعة عشرة من عُمَره: وجاءت إليه جيوش الشام بأسرها، وأمم لا يحصيهم إلا الله تعالى من المطوعة، فكانوا قدرالجندمرات" (٢) ..شاهدت هؤلاء الأئمة الاعلام، وهم يجرون عجل المنجنيقات يرتلون القرآن الكريم، ويقرؤون أحاديث الجهاد، يتجهون نحو تحرير الارض، وصيانة حرمة الاسلام، فلم يلبث أن فتح المسلمون عكا في يوم واحد، كان يوم الجمعة المبارك السابع عشر من جمادى الاولى من السنة. وتوالت الانتصارات بعد فتح عكا، ففتحت صور، وصيدا، وبيروت، وغيرها حتى حررت جميع السواحل الشامية ونظفت من دنس الغزاة (٣) .

وكانت بلاد الشام إلى جانب ذلك قد أصبحت مركزا كبيرا من مراكز الحركة الفكرية، فيها من المدارس العامرة، ودور القرآن والحديث العدد الكثير، عمل على تعميرها حكامها وبعض المياسير من أهلها، ونشطت في عهد الشهيد نور الدين محمود بن زنكي. وكانت العناية بالدراسات الدينية من تفسير وحديث وفقه وعقائد وما يتصل بها


(١) قال الذهبي في ترجمة من تاريخ الاسلام: جلس على تخت الملك سنة تسع وثماني وست مئة، واستفتح الملك بالجهاد فسار ونازل عكا وافتتحها ونظف الشام كله من الفرنج..ولو طالت حياته لاخذ العراق وغيرها، فإنه كان بطلا شجاعا مقداما مهيبا عالي الهمة يملا العين ويرجف القلب رأيته مرات.." (الورقة: ٢٢٥ من مجلد أيا صوفيا ذي الرقم ٣٠١٤) .
(٢) تاريخ الاسلام للذهبي، الورقة: ٢٠٥ من المجلد المذكور.
(٣) البرزالي: المقتفي لتاريخ أبي شامة (حوادث سنة ٦٩٠) من نسختي المصورة عن أحمد الثالث ٢٩٥١، وتاريخ الاسلام للذهبي: ٢٠٧ ٢٠٥ من المجلد المذكور، والبداية لابن كثير: ١٣ / ٣٢١.