للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البلدان، ولا يفعل فِي أهل بلده، فَقَالَ: إني أعرف مكان قوم لهم فضل وصدق، طلبوا الْحَدِيث فأحسنوا الطلب للحديث، وحاجة الناس إليهم شديدة، وقد احتاجوا، فإن تركناهم ضاع علمهم، وإن أغنيناهم نشروا العلم لأمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ولا أعلم بعد النبوة درجة أفضل من بث العلم.

وَقَال إِبْرَاهِيم بْن بشار (١) خادم إِبْرَاهِيم بْن أدهم: سمعت عَلِيّ بْن الفضيل بْن عياض يَقُول: سمعت أبي يَقُول لابن الْمُبَارَك: أنت تأمرنا بالزهد والتقلل والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع من بلاد خراسان إِلَى البلد الحرام، كيف ذا وأنت تأمرنا بخلاف ذا (٢) ؟ فَقَالَ ابْن الْمُبَارَك: يَا أبا علي، إنما أفعل ذا لأصون فِيهِ (٣) عرضي. وأكرم بِهِ عرضي، وأستعين بِهِ علي طاعة ربي، لا أرى لله حقا إلا سارعت إليه، حَتَّى أقوم بِهِ، فَقَالَ لَهُ الفضيل: يَا ابْن الْمُبَارَك ما أحسن ذا إن تم ذا.

وَقَال وهب بْن زمعة (٤) عَنْ مُعَاذ بْن خالد بْن شقيق: تعرفت إِلَى إِسْمَاعِيل بْن عياش بعَبد اللَّهِ بْن الْمُبَارَك. فَقَالَ إِسْمَاعِيل بْن عياش: ما عَلَى وجه الأرض مثل عَبد اللَّهِ بْن الْمُبَارَك، ولا أعلم أن اللَّه خلق خصلة من خصال الخير، إلا وقد جعلها فِي عَبد اللَّهِ بْن الْمُبَارَك، ولقد حدثني أصحابي: أنهم صحبوه من مصر إِلَى مكة، فكان يطعمهم الخبيص، وهو الدهر صائم.


(١) نفسه.
(٢) عبارة"وأنت تأمرنا بخلاف ذا"غير موجودة في تاريخ الخطيب والسير وما هنا أحسن لتوضيح المعنى.
(٣) في تاريخ الخطيب"به.
(٤) تاريخ الخطيب: ١٠ / ١٥٧.