للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال مُحَمَّد بْن زكريا الغلابي، عن ابن عائشة، عَن أَبِيهِ: كان عَبد المَلِك بن مروان إذا دخل عليه رجل من أفق من الأفاق قال: أعفني من أربع وقل بعدها ما شئت: لا تكذبني فإن المكذوب لا رأي له، ولا تجبني فيما لا أسألك عنه فإن في الذي أسأل عنه شغلا عما سواه، ولا تطرني فإني أعلم بنفسي منك، ولا تحملني على الرعية فإني إلى الرفق بهم والرأفة أحوج.

وَقَال إسماعيل بْن أَبي خالد، عن الشعبي: ما جالست أحدا إلا وجدت لي الفضل عليه إلا عَبد المَلِك بن مروان فإني ما ذاكرته حديثا إلا زادني فيه ولا شعرا إلا زادني فيه.

وَقَال عَبد الله بن بكر السهمي (١) : حَدَّثَنِي بشر أبو نصر أن عَبد المَلِك بن مروان دخل على معاوية وعنده عَمْرو بن العاص، فسلم ثم جلس، ثم لم يلبث أن نهض، فقال معاوية: ما أكمل مروءة هذا الفتى. فقال عَمْرو: يا أمير المؤمنين إنه أخذ بأخلاق أربعة، وترك أخلاقا ثلاثة. أخذ بأحسن البشر إذا لقي وأحسن الحديث إذا حدث وأحسن الاستماع إذا حدث، وأيسر المؤونة إذا خولف، وترك مزاح من لا يوثق بعقله ولا دينه، وترك مجالسة لئام الناس، وترك من الكلام ما يعتذر منه.

وَقَال أَحْمَد بْن عَبد اللَّهِ العجلي (٢) : كان أبخر، وولد لستة أشهر، وخطب خطبة بليغة ثم قطعها وبكى بكاء شديدا، ثم قال: يا رب إن ذنوبي عظيمة، وإن قليل عفوك أعظم منها، فامح بقليل عفوك عظيم


(١) طبقات ابن سعد: ٥ \ ٢٢٥، وتاريخ الخطيب: ١٠ \ ٣٨٩.
(٢) انظر ثقاته، الورقة ٣٥، وليس فيه قوله بالخطبة.