*عجبًا له حفظ العنان بأنمُلٍ! ... ما كفها الأشياء من عاداتها
فإنَّ المقام مقام النفي رأسًا، فينبغي أنْ تُحذف الإِضافة، لدلالتها على أن كف الأشياء، وإن لم تكن لها عادة، إلا أنها قد تفعله، فلا يناسبُ التعرُّض إلى المتعلقات في مقام النفي. وهكذا في قوله:«من عمرتك»، فإنَّ العمرةَ إذا كانت منفيةً رأسًا، ناسبَ أن يقول: ولم تحلل أنت من عمرة، بقطعها عن الإِضافة.
واستشعره الإِمام الشافعي، فقال: إن معناه إن الناس حَلُّوا، فلو اعتمرتَ لتحللت أيضًا. كأنها تتمناه. ونقل الحافظُ جوابَ الإِمام، ثم لم يفهمه، لأنَّ الإِمامَ في الذُّرْوَة العُليا من الفصاحة، ودَرْكُ مرادِه عسيرٌ، وبمثله قرروا في قوله تعالى:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ}[النساء: ١٥٧]، ففيه دليلٌ على أنه كان هناك مقتولا، أو مصلوبًا غيره، وذلك لانصباب النفي إلى القيد. وإلا فالأظهر أن يقال: وما قتل وما صلب، فإنَّه يكفي لبيان نفي القتل عنه، فاعلمه.