وفي آخره: فخرج فبنى بسَرِف بها، فلما جعلت أمرها إلى غيرها، يُحتملُ أن يخفى عليها الوقت. الذي عقد فيه العباس، فلم تعلم به إلا في الوقت الذي بنى بها، وعلِمَ ابن عباس أنه كان قبل ذلك، فالرجوع إليه أولى، كيف! وقد تأيد برواية أبي هريرة، وعائشة؛ وذكر ابن إسحاق في "مغازيه"، والطحاوي عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام تزوجها وهو محرمٌ، فأقام بمكة ثلاثًا، فأتاه حويطب في نفر من قريش في اليوم الثالث، فقالوا: قد انقضى أجلك، فاخرج عنا، فقال: وما عليكم لو تركتموني. فعرَّستُ بين أظهركم، فصنعنا لكم طعامًا، فحضرتموه، فقالوا: لا حاجة لنا في طعامك، فاخرج عنا. فخَرج وخرجَ بميمونة، حتى عرَّس بها بسَرِف. وقال الطحاوي: "رُوي عن عائشة ما يوافق ابن عباس. رَوى ذلك عنها من لا يَطعنُ أحدٌ فيه، ثم ذكر هذا السند، ثم قال: "وكل هؤلاء أئمة يحتج برواياتهم"، وقال في "مشكل الحديث": لم يختلف في ذلك عن عائشة. قال الطحاوي: في "كتاب مشكل الحديث": حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني: حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني: حدثنا كامل أبو العلاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم" قال الطحاوي: وهذا مما لا نعلم أيضًا عن أبي هريرة فيه خلافًا. انتهى كلامه. والكيساني وثقه أبو سعيدٍ السَّمعَاني، وخالد وثقوه، كذا في "التهذيب" للمِزِّي، وكامل وثقه ابن مَعِين، والعِجلي، وذكره ابن شاهين في "الثقات". وأخرج له الحكم في "المستدرك". وقال الطحاوي أيضًا: حدثنا روح بن الفرج: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا ابن أبي فديك: حدثني عبد الله بن محمد بن أبي بكر، سألت أنس بن مالك عن نكاح المحرم. فقال: وما بأس به، هل هو إلا كالبيع. وروح وثقه الخطيب، وأخرج له صاحبُ "المستدرك". وإجازةُ نكاح المحرم يُروى عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعن أبيه، وعن جده. وقال ابن حزم: أجازَه طائفةٌ: صح ذلك عن ابن عباس، وروي عن ابن مسعود، ومعاذ، وبه قال عطاء، والقاسم بن محمد، وعِكرمة، والنَّخَعي. وأبو حنيفة. وسفيان. اهـ. "الجوهر النقي".