وإنَّما عَبَّر الصبح عن القرآن لبيان خصيصتِه فيه، وهو أَنْ الملائكةَ تشهدُها فيقتدون وَيستَمِعون، ولا يَقرَؤون، ولا يُنازعون، ولمَّا كان منَّا الإِسماع ومنهم الاستماع سُنَّ فيه طول القراءة، فإنَّهم ضيوفنا، نزلوا لاستماع القرآن العربي المبين، فليكرم الرجل ضَيْفَه ولا ينبغي إرجاعهم عِطَاشًا، ثم إذا أَمَر أنْ تُقَام الصَّلاة في طَرَفي النَّهار ناسبَ ذِكر الليل بما فيه، ولمَّا دَخَلَ الفَجْرُ في أحد طَرَفي النَّهار لم يَبقَ مِنَ الليل إلا الزُّلَف، وإنَّما عبَّرها بالزُّلَف دون الأَطرَاف لما فيها مِنْ معنى القُربة، ولو قال طَرَفي الليل لانقسم على النصفين، فإِنْ كان باعتبارِ العِشاءِ وصلاةِ الليل فليس بصحيح لصحةِ العشاء بعد النِّصف أيضًا على اختِلافِ الأَقْوال فيه، وإِنْ كان باعتبار العِشاء لكان دليلًا على جوازِها قُبيل الصُّبْحِ بدونِ كَرَاهةٍ. =