قلت: قد تَكَلم الطَّحاوي على أحاديث المُسْتَحاضَة في "معاني الآثار" مَبسوطًا جدًا ما بَسَطَ مثلَه إلا في باب الوتر وبعض أبواب أُخر، لكِنْ لِدِقَّتِهِ وغموضِهِ لم أفهمه. وهذا الكلام وإِنْ كان مختَصرًا لكن ظاهرُه على ما أَفْهَم أَنَّه حَمَلَهُ على جَمعِ التأخيرِ وقتًا، فلينظر الحنفية مسائلهم أنهم هل يلتزمون ذلك. ثُمَّ العجب أَنَّ الطَّحاوي لم يَتَكَلَّم فيه كأَنَّه رأى منه، بل ظاهره أَنَّه مِن جانبِ المذهب، وإلا لناسَب له أَنْ يُنبِّه عليه كما يَفْعَل في "معاني الآثار". وكذلك لا أَفْهَم ماذا أَرَاد من ثاني الوَجْهَين في دفع الإِيرادِ، وإنَّما نَقَلْتُ كلامَهُ لأنَّه حامل لواءِ مذهب الحنفية، فلينظر فيه العلماء على قَدْرِ عِلْمِهِم فَرُبَّ مبلغ أوعى من سامع والله تعالى أَعْلَمُ بالصَّواب. (١) قلت: وما يَدلُّك على ثُبوتِ الاشتراكِ عند البعض ما حكاه العيني في باب صلاة العصر ناقلًا عن "مغني ابن قدامة" عن رَبيعةَ أَنَّ وقْتَ الظُّهْر والعصر إذا زَالت الشمس وعن عَطَاء وطاوس إذا صار ظلُّ كلّ شيءٍ مثلهُ دَخَلَ وقت الظُّهْرِ، وما بعدَهُ وقتٌ لهما على سبيلِ الاشتراكِ حتى تَغْرب الشَّمْس -القول لعلَّه العصر- وقال ابن رَاهويه، والمُزْني، وأبو ثَور، والطبراني: إذا صار ظِلُّ كلّ شيءٍ مثلهُ دَخَلَ وقت العصر، وَيبْقَى وقْتُ الظُّهْر قَدْرَ ما يصلى أربع ركَعات ثُمَّ يَتَمَحض الوقت للعصر، وبه قال مالك. انتهى.