ثم جوابُنَا في تأويلها أَوْجَهُ من جوابهم، فإنك تعلمُ أن عُذر النسيان مما يحتاج إلى دليل، وهلا يقال: إنها كانت سنةً قَبلِية للجمعة، فإِن السؤال والجواب إنما يناسِبُ عنها، فإنها آكَدُ من تحية المسجد التي لا تزيد على الاستحباب مع أنها لا تفوتُ بالجلوس مع تأييده بِلَفظ قبل أن تجيء، بل أقول: إنَّ سؤاله - صلى الله عليه وسلم - بعدما جاء الرجلُ وقَعَد بين يديه لا يكون إلا عن صَلاتِهِ قبل المجيء، ولا يناسب عن الصلاة قبل القعود، فإِنه كان بمرأى عينيه، وقد شاهده أنه لم يَزِد على أنه قد جاء وقَعَد. وحينئذٍ لا يلائمهُ السؤالُ بأنك ركعتَ ركعتين قبل أن تَجْلِس، بل سؤاله إنما يليقُ به: أنك هل صليت قبل أن تجيء إلى المسجد؟ ففيه تأييدٌ للفظ ابن ماجه. لأن صلاتَه كانت سُنَّة قَبليَّة لا تحية المسجد إلا أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَرَه حتى جاء الرَّجُل وقعد، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما قال. قلت: كيف ولم يكن المسجدُ مُتَسِعًا كذلك ولم يكن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دَخل في الخطبة على لَفْظ "مسلم".