وبالجملةَ مَنْ يجَرب تصرفات الرواة لا يستبعد ما قلنا، وبعدُ فليس في مِثل تلك الأمور إلا حكم الوُجدان، وهو القول الفَصل عند الاختلاف، ويؤيده ما ذكره أبو الوليد بن رشد أن قوله - صلى الله عليه وسلم - "إذا جاء أَحدكم والإِمام يَخْطب" ... إلخ. أخرجه "مسلم" في بعض رواياته. وأكثر رواياتِه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَر الرجلَ الدَاخِلَ أَن يَركع، ولم يقل: إذا جاء أحدكم" الحديث. فينظر إلى هذا الخلاف في أنه هل تقبل زيادة الراوي الواحد إذا خالفه أصحابهُ عن الشيخِ الأوَّل الذي اجتمعوا في الرواية عنه أم لا؟ اهـ. "بداية المجتهد". ثم القرينة عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان قاله في تلك القصة فَلِم أمسك الخطبة إِذن؟ فإِن سُنة التحية حينئذ أن تؤدَّى خلال الخطبة أيضًا، فلا حاجة إلى الإِمساك مع ثبوتِه قطعًا. فاتضح بِفِعل النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه وأَمرِه بالإِنصات أَن حال الإِمام مع المستمعين على أَحَد هذين الوَجهَين: إِما أن يَقطع المستَمِع صلاتَه اْو يُمسِك الإِمامُ خطبتَه، ولذا لما أَمر النبي - صلى الله عليه وسلم - سُلَيكا رضي الله عنه أن يصلِّي الركعتين أَمسَك خطبتَه. ولما كان مِن سُنَّة الإِمام يومَ الجمعة أن يَخطب، =